إشراقة… عنف آخر

13 نوفمبر 2022

إدريس حيدر

يقينا أن شعبا يمارس الإقصاء ،العنف ، الاستصغار و الإهانة في حق المرأة، لن يشهد أبدا نور التقدم و التحضر و الرقي .
في الأسبوع المنصرم ،كنت شاهدا كمحامي على قضية تتعلق بعنف شديد في حق المرأة و لكن بصيغة أخرى.
الأمر يتعلق بمشتكية زعمت أن اباها توفي منذ مدة ليست بالقصيرة ، و أن إخوتها الذكور تقاسموا أرضا سلالية ورثوها عن ابيهم و حرموا أخواتهم بدعوى أن المرأة لا ترث في الأراضي السلالية .
و مع مرور الوقت عَلِمَتْ أن هذا التصرف مناف للقانون ، و أدركت أنها بمعية أخواتها النساء لهن كما لإخوتهم الذكور نفس الحقوق في تركة أبيهم.
فطالبت إخوتها بإعادة القسمة و تمكينها و أخواتها بنصيبهن في إرث أبيهن .
رفض الإخوة بدعوى أن القسمة تمت منذ مدة طويلة و حاز كل واحد حقه و من غير الممكن و الحالة هذه إعادة تلك القسمة .
صاحت المشتكية مستنجدة بنائب الجماعة و أفرادها لمساعدتها في تحقيق مبتغاها ،إلا أن أحد إخوتها اعتدى عليها بالسب و الشتم و الضرب .
حضرت إذن في جلسة المحكمة في مواجهة أخيها المعتدي، و حكت حكايتها المؤلمة بتفصيل ، و التي مفادها أنها كانت ضحية اعتداء من طرف أخيها المشتكى به فقط لأنها طالبت بحقها .
و عندما سُئِل الاخ المعتدي عن الأفعال المشينة الصادرة عنه اتجاه أخته ،رفع صوته عاليا مؤكدا أنها تستحق ذاك الجزاء ،لأنها لم تحترمه باعتباره أخيها الأكبر منها ، و انها سبته و بالتالي عاقبها، مضيفا أنه لن يعيد القسمة كما تريد ،لأنه عرف نهج عليه الأباء و الأجداد.
لم يلق كلامه استحسانا من طرف الحاضرين في قاعة الجلسات بالمحكمة ، بل لقي من الجمهور كل الاستهجان، الاحتقار و الإهانة .
حُجِز الملف للتأمل قصد إصدار الحكم من طرف قاضي الجلسة .
خرج المشتكى به ( الاخ المعتدي ) من القاعة و هو يَهْذي و يهمهم :
” لم يعد ” المخزن” كما عهدته ، فلو ظل كما أعرفه، لأُلقي القبض على المشتكية !!! – بالرغم من كونها ضحية – لكونها تجرأت ضدا على التقاليد و طالبت بإلغاء عُرف امتد لسنوات كثيرة ، يقضي بتوريث الرجال دون النساء ، ثم لكون المرأة لم تعد تحترم إخواتها بل و ها هي تسوقه أمام المحكمة مهدد بعقوبة سجنية “.
و فجأة رفع صوته عاليا و كأنه أصيب باضطراب عقلي :
” أنا ضحية مؤامرة و تواطؤ بين أختي و ” المخزن ” ،حسبي الله و نعم الوكيل ”
واعادها و رددها بصوت عال أكثر من مرة :
” حسبي الله و نعم الوكيل “!!!

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading