جمال عتو
رأيت النور وبدا وعيي يكتمل رويدا رويدا فوجدتني أرى الناس يضربون أكفا بأكف فصرت أفعل مثلهم بيدي الطريتين ، لم أكن أعلم حينها أن تصفيقي الضئيل جدا يساهم في إحداث الصخب فأنظر إلى كفي وقد اعترتهما الحمرة وأدرك أن لاشيء بدون ثمن .
صفقت في استعراضات عيد العرش ، وأمام الخطباء بالمنصات الشرفية ، وصفقت لموقف درامي بمسرحية ، وصفقت ل” مناضل ” تقدم للانتخابات قصد الدفاع عن حقوق الطبقة الكادحة ، كما صفقت عند مثول البطل في فيلم هندي بعدما أصبح ظهوره أمرا حتميا لإنقاذ حبيبته من موقف خطير ، صفقت في حفلات المدرسة ، وعند محطات ثقافية ورياضية بالثانوية ، وصفقت في يوم الأرض ويوم الأسير بالجامعة ، فأصبح التصفيق جزءا لا يتجزأ عن تفاعلي مع الأحداث والمواقف.
من اخترع التصفيق ياترى ؟ ومن استبدل التبجيل اللفظي والتنويه العلني بالتصفيق .
دعوني الآن والحال كما ترون أن أصفق لهذه الحياة التي أعتبرها قصيدة غجرية ، أصفق لوحدي وأخالني بين جمع المهمشين الذين يقفون طويلا على حافة الانتظار ، ينتظرون الآتي قد يأتي وقد لا يأتي ، دعوني أصفق من دون أن أرى الحمرة تعتري كفي حتى لا أتوقف عن التصفيق أبدا ، أصفق على التخمة والجشع والجموح مادام صار التصفيق يعم كل مكان ، دعوني أصفق على البطون المنتفخة والأوذاج الحمراء وعلى الجيوب المملوءة ريعا ، دعوني أصفق وحدي مع الآخرين المتوارين كمدا على الليل الذي ما ترجل بعيدا ليحل العصفور بعد طول انتظار .
دعوني أصفق وكفى حتى يأخذني التعب إلى سبات عميق .