التصفيق

12 نوفمبر 2022

جمال عتو

رأيت النور وبدا وعيي يكتمل رويدا رويدا فوجدتني أرى الناس يضربون أكفا بأكف فصرت أفعل مثلهم بيدي الطريتين ، لم أكن أعلم حينها أن تصفيقي الضئيل جدا يساهم في إحداث الصخب فأنظر إلى كفي وقد اعترتهما الحمرة وأدرك أن لاشيء بدون ثمن .
صفقت في استعراضات عيد العرش ، وأمام الخطباء بالمنصات الشرفية ، وصفقت لموقف درامي بمسرحية ، وصفقت ل” مناضل ” تقدم للانتخابات قصد الدفاع عن حقوق الطبقة الكادحة ، كما صفقت عند مثول البطل في فيلم هندي بعدما أصبح ظهوره أمرا حتميا لإنقاذ حبيبته من موقف خطير ، صفقت في حفلات المدرسة ، وعند محطات ثقافية ورياضية بالثانوية ، وصفقت في يوم الأرض ويوم الأسير بالجامعة ، فأصبح التصفيق جزءا لا يتجزأ عن تفاعلي مع الأحداث والمواقف.
من اخترع التصفيق ياترى ؟ ومن استبدل التبجيل اللفظي والتنويه العلني بالتصفيق .
دعوني الآن والحال كما ترون أن أصفق لهذه الحياة التي أعتبرها قصيدة غجرية ، أصفق لوحدي وأخالني بين جمع المهمشين الذين يقفون طويلا على حافة الانتظار ، ينتظرون الآتي قد يأتي وقد لا يأتي ، دعوني أصفق من دون أن أرى الحمرة تعتري كفي حتى لا أتوقف عن التصفيق أبدا ، أصفق على التخمة والجشع والجموح مادام صار التصفيق يعم كل مكان ، دعوني أصفق على البطون المنتفخة والأوذاج الحمراء وعلى الجيوب المملوءة ريعا ، دعوني أصفق وحدي مع الآخرين المتوارين كمدا على الليل الذي ما ترجل بعيدا ليحل العصفور بعد طول انتظار .
دعوني أصفق وكفى حتى يأخذني التعب إلى سبات عميق .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading