آفات الطريق ( حكايا السياسة5)

27 سبتمبر 2025
Oplus_131072

بقلم :ذ حميد الجوهري

كنا شبابا متحمسا، شديد الإقدام على مظاهر التدين، على بصيرة من سادتنا المربين الفضلاء، الذين كانوا ينظرون إلينا نظرة العقلاء، على خلاف من يستغل ذلك في معارك الحشد و الغلبة، كانوا متيقنين من أن هذه الأمة قوتها في التوسط و الاعتدال، و أن الله لا يعبد بجهل، و لا يفتح بابا للجهالة..!
استقبلنا الإخوة المربون في الجمعية الإسلامية، ببرامج تربوية متنوعة، حافظت على النفس المغربي الصوفي، الذي يعلي من أمر الذكر و التأمل، و ينبه النفس لآفاتها، فانصروا بحماستنا إلى وجهتها الصحيحة، فكانت الجلسات التربوية حاضنة علمية أيضا، لا تخلو من دراسة كتاب و تلخيصه و مناقشته، و حفظ للقرآن و تفسيره، أو حديث و تأويله، و ذروة سنام ذلك ذكر لله كثير، لأن الإيمان يعلو مؤشره و ينخفض، و من أعظم ذلك التركيز على فضيلة تجديد الإيمان، فيردد المربي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله: وكيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله”
نتذكر كل ذلك و يزيد، فنعلم أن لذلك أثر في قلوبنا، و نعلم أن تلك التزكية كانت لنا جنة ضد أي انحراف عقدي، و علمنا أن العلم طريق النجاح، فانفتحنا على مدارس شتى من الكتابات، حتى أني أذكر أني قرأت كتبا إسلامية و ختمتها بكتب لمفكرين يساريين من غير أي حاجز نفسي، في ذلك الزمن قرأت لبعض كتابات حسين مروة و الطيب التيزيني، و قرأت لعلي شريعتي و حسين فضل الله، و كتابات الشيخ عبد السلام ياسين و محمد قطب و محمد الغزالي و الشيخ يوسف القرضاوي..عناوين كثيرة و باقات علمية كانت وفيرة..
و لا عجب في ذلك، فقد كانت مكتبة الجمعية الإسلامية عامرة، و كنت مكلفا بها لمدة ثلاث سنوات، و أشهد الله أنها كانت أجمل مراحل عمري و أفضلها على الإطلاق.!
و من الكتب التي تدارسناها في مجالسنا التربوية، كتاب تربوي استشرافي، هو من أجل الكتب التي يمكن الاستناد التربوي إليها، كتاب ” آفات على الطريق” لمؤلفه الدكتور محمد نوح، و برمجته كانت في سياق التعامل مع تلك الحماسة التي كنا نحملها كشباب، يريد بذلك المربي أن ينبهنا أن الحياة تحتمل إكراهات قد تنزلك في مدارج سالكي الإيمان درجات أو ترفعك، و هي آفات واقعية يسلكها كل سالك، و قد علمتنا الحياة بعدها، أن الإنسان خلق ضعيفا، و أن السقوط واقع لا محالة، غير أن قمة النجاة تكمن في طريقة النهوض، و للحديث بقية إن شاء الله..

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading