– بقلم : ذ . حميد جوهري
عندما أتذكر تلك الحقبة الزمنية، أتذكرها بلذة لا توصف، حيث وفرة القراءة، و واسع التلقي، كتب عديدة التهمتها التهاما، و صحف لا أترك عمودا من أعمدتها إلا و قرأته بعناية زائدة، و كان أفق الأحلام واسع، لا تضيقه الأهداف الدنيوية، و كان المربون يحثوننا على القراءة، فهي مربط الفرس في جيل الصحوة..!
آه الصحوة، كم أطربتني خطبة المرحوم الشيخ سيدي أحمد الجباري ذات جمعة، و هو يشيد بذلك الجيل، جيل الصحوة الإسلامية التي أعقبت حراكا إسلاميا معرفيا و تربويا شمل كل العالم الإسلامي، كنا ننتظر نتائج قرن التجديد الذي أناره الشيخ حسن البنا و ثلة من العلماء الحركيين المجددين..!
لا يمكن لأحد أن يدرك حجم تلك الأحلام، إلا من عايشها تجربة و لو نزرا..، فقد صاحب ذلك قوة شديدة في التأطير التربوي، الذي اعتصمت و تمترست في مجالسه عصبة من الناس، في شكل لا مثيل له من نكران الذات، و تضحية وقتية على حساب كثير من الالتزامات العائلية و المهنية، كان من حق ذلك الجيل أن يتمسك بحلم النهضة تحت وابل من أسئلة:
لماذا تأخرنا أمام هذا الغرب الاستعماري؟!
رسمت انتماءاتنا الحركية معالم طريق النهضة، و صاغت من أجل ذلك برامج تربوية لا زالت شاهدة على حجم ذلك الاجتهاد الصادق، و لا ينقص من أهمية ذلك صدمة التجربة في وقائع تدبير شؤون الناس، لأن ذلك علم، و ما العلم إلا منتوج مجتهد هنا أو هناك، و للمجتهد أجر مهما طرأ من وقائع، و مهما نزلت من النوازل..!
و لتفصيل وصف كل ذلك، أحتاج إلى حلقات أخرى من سلسلتي هذه، و ربما لن أستطيع الإحاطة بالتفاصيل، غير أني سأحاول لاحقا، رغم أني أكتب بسرعة زائدة وفق ما تلهمني واقعة جلسة في مقهى، أو خلوة في زاوية من زوايا منزلي، أو حتى ركن من شوارع مدينتي..، أكتب بشوق زائد، لأنني أفتقد كل تلك الإيجابيات التي كنت أستقيها من فضيلة القراءة .
و إلى حلقة مقبلة من سلسلتي “حكايا السياسة”، مع جزيل الشكر لكل من يصبر فيقرأ بوحي هذا، و ربما يصبر على خطأ لغوي، أو ركاكة في الأسلوب، أو استطراد ممل..