
– بقلم: ذ .حميحم مليكة
وللصورة سحرها في انبعاث الذكريات الكامنة في أغوار النفس البشرية فتسترسل في استرجاع تفاصيلها و كأنها شريط وثائقي.
صورة لخالي الغالي الاستاذ عبدالسلام البوطي وصديقه الاستاذ الشريف المهدي الريسوني رحمة الله عليهما بمدرسة ابن خلدون العتيدة ، صورة حية تشهد احتفالات عيد العرش المجيد بفرسان مميزين باناقة اللغة والحضور والتفاني في حب الوطن كما عرفهما القصراويون .
كان سكان مدينة القصر الكبير كجميع المغاربة يعانقون الفرحة بحجم الحدث العظيم ،
ويحيون ذكرى عيد العرش المجيد في الثالث من شهر مارس من كل عام فقد كانوا ينتظرون هذا اليوم بشوق ولهفة حيث تستفيق المدينة على أيام من المهرجانات والاحتفالات بالعيد الوطني لتربع الملك على عرش أسلافه الميامين .فتتحول الشوارع إلى لوحات فنية مليئة بالألوان والرموز الوطنية كما تتزين المدارس والمحلات بسعف النخل والاعلام وصور الملك الهمام وولي عهده سيدي محمد ، و جل واجهات المنازل بالرايات المغربية مرفرفة باعتزاز وفخر الانتماء لمملكة عريقة الجدور .
كانت الاحتفالات تمتزج بين الفخامة الرسميةوالبساطة الشعبية حيث كان الشعب برمته يتنافس في تحضيرات مميزة لاستقبال هذا العرس الوطني قبل شهور من حلوله فقد كانت المدارس تعمل على تدريب التلاميذ على الاغاني الوطنية استعدادا لليوم المشهود حيث يكون التجمع والانطلاقة من مدرسة ابن خلدون لتجوب شوارع المدينة كل مدرسة تقدم أجمل اللوحات تحت تصفيقات الجماهير التي تنتظرها بشغف وحب لتتبارى كل واحدة بأبهى الحلل وأعظم الاناشيد وأجمل الفرق الفلكلورية .
وقد لعبت الأنشطة التي كانت تنظمها وتشرف عليها أطر عشقت مهنة التربية والتعليم مناسبة لصقل مواهب التلاميذ الفنية والادبية في مجالات التمثيل والخطابة والرسم
والشعر والغناء ، كان عيد العرش مدرسة فنية بامتياز ، كانت الدراسة تتوقف استعدادا لهذا اليوم المشهود بحمولة من الأنشطة التربوية الوطنية ساهمت في غرس القيم وفي تشكيل الوعي وحب الوطن ، ومازالت جماهير القصر الكبير تتذكر أصحاب الكلمة و الخطب الرنانة واناقتهم الملفتة التي كان فرسانها يلقونها بكل افتخار واعتزاز ( الاستاذ عبدالسلام البوطي والاستاذ عمر الديوري ) فوق المنصة المعدة في وسط المدينة يترأسها عامل الإقليم باشا المدينة وجميع كوادر المدينة وأعيانها فيقدمون جميع مدارس المدينة المشاركة في استعراضات عرس ابطاله الملك والشعب هذا العرس الذي يلهم الفكر والقلم والروح ، رحم الله وبارك في عمر من كانوا رسلا للكلمة الصادقة الهبت مشاعر جيل وراء جيل ، فتغنت جميعها باناشيد صدحت في ارجاء وطننا الحبيب .
عليك مني السلام ياأرض اجدادي
ففيك طاب المقام وطاب إنشادي