
– ذ . إلياس طلحة :
“الضربة التي لا تقتل، تُقوّي”، هذه قاعدة عامة تحصل في كل التحديات، لكن يعرفها جيدًا كل من اختار طريق العمل السياسي في الميدان، وسط التحديات، والمؤامرات، وتصفية الحسابات، على وجه الخصوص.
واليوم، يُمكن القول، إن الحاج محمد السيمو خرج من هذه العاصفة أكثر قوة وتماسكًا، بعدما قال القضاء كلمته وأنصفه في محطتين متقاربين، ويتعلق الأمر بكل من حفظ ملف ما عُرف إعلاميًا بـ”الهبة الطبية”، ثم حكم البراءة الصادر عن غرفة جرائم الأموال في التهم التي وُجهت إليه.
لقد حاول البعض، عبر أدوات التشويش والضغط الإعلامي والتدوينات، أن يُصوّر للرأي العام أن ملف السيمو محسوم سلفًا، وأنه قد انتهى سياسيًا وأخلاقيًا، لكن الحقيقة أن القضاء، وهو الجهة الوحيدة المخوّلة بالحسم، لم يجد ما يُدينه به، لا في شبهة استغلال النفوذ المرتبطة بالهبة الطبية، ولا في ملف الاختلالات الجماعية الذي حاول البعض النفخ فيه سياسيًا، لتسقط بذلك أولى أوراق اللعبة في يد مجموعة من المرتزقة أرادوا توظيف القضاء لتصفية الحسابات.
لكن ما يجب الانتباه إليه، هو أن هذه البراءات لم تكن مجرد أحكام قانونية، بل هي رسائل سياسية قوية؛ إذ إن مناعة الرجل لا تأتي فقط من وضعيته القانونية، بل من رصيده الشعبي، ومن حضوره الميداني، ومن ثقة الناس فيه، ويمكن القول إن محاولات إسقاطه ستزيد من حجم التعاطف معه، وستساهم في ترسيخ صورته كفاعل سياسي مستهدَف لأنه يشتغل، لا لأنه يُخالف القانون.
لذلك، فإن السيمو لا يخرج فقط من هذه المرحلة منتصرًا، بل يعود إلى الساحة أكثر تنظيمًا، وأكثر وعيًا بالرهانات، وقد بات أفقه السياسي واضحًا، نحو ولاية ثالثة في الجماعة الترابية تلوح في الأفق، وولاية رابعة في المؤسسة التشريعية أيضًا، بدعم من الشارع، ومن منطق الإنجاز، لا من لغو الشعارات.
نعم، من أرادوا دفنه سياسيًا لم يدركو أن الرجل يملك قدرة على إعادة التموضع، وأن الضربات التي وُجّهت إليه لم تكن سوى وقود جديد لمسيرة قادمة، وما بعد البراءة… لن يكون كما قبلها.