بين الاحتجاج المشروع والعدوان الرقمي: دعوة لاستعادة أخلاقيات الفعل المدني

14 يوليو 2025


ذ : خديجة الشرقاوي :

عليكم/ن عبر بوابة القصر الكبير لأخبركم عن تفاصيل الزيادة في التعريفة اسعار طاكسيات من مدينة القصر الكبير الى طنجة
لقد وضعت شكاية رسمية لدى باشوية مدينة القصر الكبير ، وتم التفاعل مع الامر والتأكيد أن الثمن المحدد قانونًا هو 60 درهمًا، واي زيادة يمكنكم ربط الاتصال ببشاوية القصر الكبير لضبط كل متعدٍ صريح على حق المواطن في تنقل كريم، وهو ما اعتبرته فعلًا احتجاجيًا مشروعًا من طرفي، من داخل المؤسسات، وبالوسائل القانونية المتاحة.

لكن ما يؤسف له أن مسلك الفعل الاحتجاجي النبيل، الذي يحترم كرامة الجميع ويطلب الإنصاف بلا أذى، يقابله مسلك آخر مشوَّه وخطير، انتقل من المطالبة بالإصلاح إلى ممارسة الإهانة والتشهير.

في الآونة الأخيرة، تابعنا حملات رقمية شرسة طالت رئيس جماعة القصر الكبير، وممثل هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ؛ونساء جمعويات، ومواطنين أبرياء، تُوجَّه إليهم اتهامات, وتُنتهك حُرماتهم وكراماتهم في وضح منشور، تحت ذريعة “حرية التعبير” أو “محاسبة الفاسدين”.
لكن الحقيقة أن ما يجري لا يمتّ بصلة للنضال أو المحاسبة، بل هو تحريض على الكراهية، وضرب مقصود للأعراض، وابتذال لمفهوم النقد العام.

لقد انتقلنا من الاحتجاج النبيل إلى شكلٍ من العدوان الرقمي المنفلت، الذي لا يطلب التغيير بل يُشهر السلاح ضد الإنسان ذاته.
حرية التعبير لا تمنح أحدًا حق الإهانة، والاختلاف لا يُسوّغ التشهير، والاحتجاج لا يبرر إطلاق الرصاص المعنوي على الآخرين.

نحن بحاجة اليوم إلى استعادة شرف الفعل المدني، والتمييز بين من يحتج ليُصلح، ومن يهاجم ليُدمّر. فكرامة الناس ليست مادة قابلة للتداول، ولا مشاعًا مباحًا في سوق الحقد الرقمي.

كحقوقية،وقبل ذلك كإنسانة، لا يمكنني أن ألتزم الصمت أمام هذا الانفلات. لا يمكننا أن نقبل أن يُصبح الفضاء الرقمي مرادفًا لـ”قانون الغاب”، حيث الكلمة الأقوى ليست الحجة، بل الإساءة، والصورة المنتشرة ليست البرهان، بل الأذى.

من حقنا أن ننتقد المسؤولين، ونسائلهم عن صفقات وكيفية التدبير، وأن نفضح الفساد… ولكن ليس من حق أحد أن يحوّل فضاء الحوار الرقمي إلى منصة للسب والتشهير.

لقد أصبح لزامًا علينا اليوم أن نعيد طرح السؤال الأخلاقي داخل الفعل الاحتجاجي:
هل يمكن أن نناضل دون أن نفقد إنسانيتنا؟
هل يمكن أن نمارس الغضب دون أن نصبح جلادين رقميين؟
هل يمكن أن نُفرّق بين فضح التجاوزات وممارسة الانتقام الرمزي؟

الكرامة لا تتجزأ.
فمن يرفض الظلم في الشارع، عليه أن يرفضه في المنشور الرقمي.
ومن يُدين الزيادة غير القانونية في تسعيرة التتقل، عليه أن يُدين كذلك الزيادة في الجرعة الرقمية للعنف الرمزي.

إننا اليوم أمام لحظة أخلاقية فارقة:
إما أن نرتقي بالاحتجاج إلى فعلٍ نبيل…
أو نتركه ينزلق نحو أسوأ تمظهرات التوحش المعنوي.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading