رأي : باشا القصر الكبير: تجل عملي لروح الخطاب الملكي في إصلاح الإدارة وخدمة المواطن

5 يونيو 2025
Oplus_131072
  • سيمو أبو إياد :
    في زمن تتكل فيه الثقة بالمؤسسات وتضيق فيه مساحات الأمل، يطل من مدينة القصر الكبير نموذج إداري استثنائي يعيد بعث الثقة في دور رجل السلطة، ليس بوصفه ممثلا للسلطة فقط، بل كخادم فعلي للمدينة ومواطنيها. باشا القصر الكبير الجديد، ومنذ تعيينه، لم يقدم فقط أداإداريا ناجعا، بل جسد روح الخطاب الملكي الذي دعا، في أكثر من مناسبة، إلى تجديد النموذج الإداري المغربي، والانتقال من منطق السلطة المتعالية إلى الإدارة القريبة من هموم المواطن.
  1. رجل ميدان، لا موظف سلطة
    في أكثر من خطبة، شدد جلالة الملك محمد السادس على أن «الغرض من الإدارة هو خدمة المواطن». وهو بالضبط ما نفذه الباشا الشاب ميدانيا. لم يكتف بالمكاتب أو التعليمات، بل نزل إلى الشارع، مشى في الأزقة، وأنصت للناس. رأى في منصبه مسؤولية لا امتيازا، واعتبر أن كرامة المواطن لا تنفصل عن احترام القانون، فكان وسيطا بين الدولة ووجدان الساكنة، لا مجرد منفذ.

  2. فعالية تقنية ورؤية واقعية
    ما يميز هذا الباشا ليس فقط حضوره الميداني، بل كذلك صرامته التنظيمية واحترافيته الإدارية. فقد أدار الملفات بما يشبه المقاربة التكنولوجية، تعتمد التحليل والمعطيات لا الانطباعات، وتسعى إلى إنتاج أثر ملموس على الأرض، سواء في ضبط الملك العمومي أو في تدبير الحالات الاجتماعية المعقدة، دون صخب أو شعبوية.

  3. سلطة راشدة تحفظ التوازنات
    القصر الكبير، بتعددها السياسي والنقابي والمدني، تشكل تحديا في أي مقاربة تدبيرية. لكن هذا التعدد لم يتحول إلى عائق، بل وظف كعنصر قوة، عبر مقاربة توافقية حذقة استطاعت أن تحفظ الاستقرار، دون المس بالحقوق أو التضحية بالحزم. وهي فلسفة تنسجم مع ما دعا إليه العاهل المغربي: «سلطة تضمن الحقوق، وتحترم الواجبات».

  4. إنسانية صامتة… وفعالة
    لم تكن السلطة عند هذا الباشا أداة قمع، بل يدا حانية. يتدخل بصمت في الحالات الإنسانية، بعيدا عن عدسات الكاميرات أو تدوينات الاستعراض. وهو ما جعله محبوبا من قبل الساكنة، التي رأت فيه لأول مرة “رجل سلطة يملك قلبا”
    إن الحس الإنساني، حين يقترن بالكفاءة، يحدث التحول العميق في علاقة الدولة بالمواطن.

  5. امتداد لرصيد إداري مشرف
    مدينة القصر الكبير لطالما عرفت رجال سلطة طبعوا تاريخها، أمثال الباشا مصطفى بن زعيم الذي لا تزال ذاكرة المدينة تحتفظ له بالمواقف المشرفة. الباشا الحالي، وهو ابن عصر رقمي سريع، جاء بروح مختلفة لكنه استلهم من جذور المكان نبل المهمة، فكان الامتداد المعاصر لمسار إداري عريق، مع فارق أنه أضاف لمسته الخاصة: الاشتغال في صمت، وتحقيق الأثر لا الصور.

  6. نساء السلطة… شريكات في التغيير
    لا يمكن الحديث عن التحول الإداري بالقصر الكبير دون التوقف عند تجربة السيدة صفاء، القائدة السابقة للملحقة الأولى تم رئيسة الدائرة مولاي علي بوغالب ، التي أبانت خلال جائحة كورونا عن نضج إنساني وإداري نادر، خصوصا في تعاملها مع الفئات الهشة. النموذج النسوي هذا، يعزز أطروحة المغرب الجديد: دولة يسهم في بنائها النساء والرجال معا، بمقاربة الكفاءة والضمير لا الجنس والقرابة.

ختاما : حين تشرق السلطة بدل أن ترعب !!?
القصر الكبير ليست مجرد مدينة عادية، بل رقعة ذات حمولة رمزية وتاريخية. وقد خذلت مرارا من قبل فاعلين سياسيين أفرغوا العمل المحلي من مضمونه. لكن في كل مرة يخلف فيها السياسيون وعدهم، تطل الدولة، أحيانا، بوجهها الإداري الرشيد، لترمم ما أفسده التهاون، وتعيد الاعتبار لما كان يجب ألا يمس: كرامة المواطن.
تجربة باشا القصر الكبير تؤكد أن السلطة، حين تمارس بمهنية وإنسانية، تصبح جسرًا نحو دولة الثقة، كما عبر عنها الخطاب الملكي. بل تصبح ممارسة للعدل في أبسط تجلياته:
الإنصات، التدخل، والوفاء.
نعم، نحن بحاجة إلى تعميم هذا النموذج، لا في القصر الكبير فقط، بل في كل ربوع الوطن. لأن المرحلة المقبلة لن تبنى إلا برجال ونساء سلطة يحملون رؤية، يتحركون من أجل المواطن لا من أجل الصور، ويشتغلون على الملفات لا على الكاميرات.

السؤال للمستقبل ….???
فهل نحن أمام بداية عهد إداري جديد ??
ربما نعم، إذا كففنا عن مقاومة النماذج الناجحة، وبدأنا في دعمها بدل دفنها.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading