
ذ. ادريس حيدر
غير أن الزقاق كان قد أصبح يُعْرَفُ بل و يُسَمَّى بأحدى العائلات التي كانت تسكنه .
تتكون هذه الأخيرة من عدة نساء ، يتامى ، حيث توفيا أبويهما ، و مكثن جميعهن في نفس منزل والديهما بمعية أبنائهن.
جميعهن مطلقات و عاطلات لا دخل لهن .
امتهن الدعارة ، و بيع المخدرات ، و منهن من أُدِينت و قضت عقوبة حبيبة سالبة للحرية من أجل نقل و توزيع و الاتجار في المخدرات .
كانت الساكنة تهابهن ، لكونهن كثيرات الخصومات و شرسات ، و يقعن بخصومهن ، فضلا عن كونهن لا يهبن السلطة و الشرطة .
كن يترددن على المحاكم ، و يقتحمن المكاتب بدون استئذان و بطرق فظة ،بل بوقاحة كبيرة .
كان كلما أصيب أحد الأشخاص و نزف دما ، أو سُمِعَت الأصوات عاليا ، إلا و تأكد جميع الجيران ، بأن تلك النسوة وراء ذلك الضجيج و الصداع بل الفتنة .
كان الوضع في الزقاق بشكل عام محتقنا ، حيث كانت قد كثرت الصراعات و الخصومات ، التي كان غالبا ، مصيرها المحاكم .
و بالرغم من ذلك ، فكل العداوة القائمةً بين الساكنة كانت تذوب و تنمحي ، بحيث يتحد الجميع ضد الغرباء عن الزقاق .
و ما كان يلفت الانتباه هو أن أفراد تلك الأسرة المعلومة ، كان تنتقل إلى القيام بدور ” الفتوات” دفاعا عن ساكنة الزقاق رقم :04 ، ضد الأغيار و السوقى و الدهماء .
و كن يوزعن الأدوار بينهن ، و اشتهرت على وجه الخصوص ؛” خديجة” و التي كانت تنظم زيارة مسجوني الحي من الساكنة ، و عيادتهم في المصحات و المستشفيات .
كما كان الجيران في ذلك الزقاق ، يهنئون بعضهم و يتبادلون الزيارةً في الأعياد و المناسبات ، بل و يتضامنون فيما بينهمً عند المآسي التي قد تُصيبهم ، كما يسعدون للمسارات التي تحل بهم .
كما أنه و بالرغم من الاختلافات القائمة بينهمً، إلا أنهم كانوا يتحدون في مواجهة أي خطرخارجي قد يداهمهمً.
وً مما كان يثير الاستغراب هو أن تلك الاختلافات لم تكن كافية لتفكيك ذلك التماسك الإجتماعي الذي كان يسود بينهم .
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر .