ذ . إدريس حيدر
صديقي الحكيم *
تعرفت عليه منذ ما يزيد عن عشرين سنة ،بمناسبة التأسيس لعمل جمعوي يُعْنى بحقوق الإنسان .
كان في البدايات : متحفظا ، خجولا ، و قليل الكلام.
و اعتقدت و اصحابي ،إن تكوين الرجل سيكون علميا محضرا نظرا لاختصاصه باعتباره يمارس مهنة الطب ، و أنه لا محالة ناطق بالفرنسية أي ” فرانكوفوني ” ، لكونه تابع دراساته الجامعية بفرنسا و خاصة ب ” باريس ” و ايضا كما جرت العادة في مثل الحالات الشبيهة .
و في فترة لاحقة سأكتشف بمعية أصحابي، أنه ينتمي لأسرة ” عالمة ” ،فكل ابنائها ” دكاترة ” و على رأسها الدكتور : عبد ساعف ،الأستاذ الجامعي المبرز و وزير التربية و التعليم سابقا و المناضل اليساري.
و مع مرور الوقت، سأفاجأ بأن الرجل ذو قناعة و ميول قومية ، مدرك لأيديلوجيتها ، و متابع نبه لكل السياسات القومية / العربية ، و ذو إلمام بأدبيات الحركة القومية البعثية و الناصرية …الخ.
و هذه كانت مفاجأتي الأولى ، و اما الثانية ،فهي إتقانه للغة العربية : نحوا، صرفا، تركيبا و صياغة ، كما أن له قدرة كبيرة في استذكار و استحضار آيات من القرآن الكريم ،و بعض النظم من الأملاح النبوية و الابتهالات و الأدعية…الخ.
هذا فضلا عن استيعابه الجيد للعمل السياسي بمفهومه النبيل .
و أما بخصوص اختصاصه المهني ، فهو طبيب ذو نزوع إنساني ، يتعاطف مع الفقراء من المرضى ، و يعفيهم أحيانا من أداء أجرته و اتعابه ، أو يحدد لهم مبالغ رمزية .
هذا ناهيك عن كونه ينتقل إلى المنازل كلما استدعي لها ، و يتم ذلك أحيانا في ظروف صعبة ، عندما يصعب نقل المريض إلى المستشفى أو العيادة ، و هدفه هو تخفيف آلامهم بالأدوية و المهدئات ، و أحيانا النصح إن كان الأمر يتطلب نقل المريض إلى جهة أخرى.
و في هذا الإطار كانت قد شُنَّت عليه في وقت سابق حملات مغرضة من طرف جهات مختلفة و لأسباب معروفة ، إلا أنه ظل شامخا و بثقة في النفس و مقتنعا بأدائه الطبي ، و لسان حاله يقول :
” يا جبل ما يهزك ريح ” .
و قد إبان أخيرا عن قدرات استثنائية في العمل الجمعوي .
هذا دون أن أنسى أن الرجل قروء و متتبع نجيب للإصدارات الفكرية و الثقافية ، كما أنه انتقل أخيرا إلى العمل على الترجمة .
و في هذا الإطار ستصدر له قريبا ترجمة كتابين :
*الاول : ” les chrétiens d’ Allah ” ” مسيحيو الله ” ،تاريخ العلوج في القرنين السادس و السابع عشر ، جامعة ” تولوز ”
* و الثاني : ” Bèrbères juifs ” ” بربر يهود ” ،ظهور التوحيد في شمال إفريقيا لصاحبه :” Julien Cohen Lacassagne ” ” جوليان كوهن لاكاسني ”
لصديقي الحكيم * ، أقول:
” ” لك تقديري ،و مزيدا من العطاء .
” مربيا” في : 19|09|2022.
الصورة : د. حسن ساعف إلى جانب المرحوم :
ذ. عبد الرحمان اليوسفي .
* الحكيم : تحمل معاني متعددة ، ففي الشرق العربي يسمى بها الطبيب .
و من مرادفاتها في المعجم العربي : بارع ،حصيف، حاذق، ذكي عاقل ،فطين ، محنك ، نحرير، خبير ،عالم …الخ .