ذ : إدريس حيدر
” لا تسألني ما آكل ،فقط ، أريد إنقاذ حياتي و حياة أبنائي ”
تأثرت كثيرا لمعاناة الرجل و لما عاينته عليه.
نفحت له بعض النقود و انصرفت إلى حال سبيلي في حالة غير عادة .
بعد هذا الحادث بيومين ، رأيت شابا يقوم بنفس الشيء ، و كان هو الآخر ، مرتابا و خائفا .
تكررت هذه العملية أكثر من مرة من طرف غرباء آخرين .
قصدت صاحب الدكان التجاري الكبير الذي يتواجد بالحي الذي أعتمره ،في محاولة مني لتقصي المعلومات و معرفة حقيقة الأمر.
فأكد لي ،أن حينا هو أول تجمع سكني الذي يُطالع المرء القادم من البوادي المجاورة للمدينة ،و أنه و نظرا للجفاف و قساوته و ارتفاع الأسعار و غلاء المعيشة و انعدام فرص الشغل ، فإن البادية المغربية تعيش ظروفا صعبة ،تصل أحيانا إلى أن بعض الأسر المعوزة يسحقها و يفتك بها الجوع .
رجعت إلى منزلي حزينا و محطم النفس .
مرت بعض الأيام، و في إحدى الليالي و حوالي 10 ليلا ، حملت ازبال منزلي في وعاء ، و اتجت به نحو حاوية قمامة الحي لأفراغه فيه ،فوجدت أحدهم في نفس الوضعية .
همهمت و أحدثت بعض الحركة ، فرفع الغريب رأسه الذي كان مدفونا في حاوية الأزبال، فإذا بها سيدة ،التفتت نحوي و نظرت إلي مذعورة و خاطبتني :
” إن أطفالي يقضون جوعا ”
وصاحت بأعلى صوتها الذي مزق سكون الليل و تردد صداه في كل الحي :
” آه ،الجوع ياسيدي ،الجوع ! الجوع ! ”
و انصرفت إلى جهة غير معلومة .
انتهى…/.