إشراقة… لغة الكلام.

4 سبتمبر 2022

ذ . إدريس حيدر

حضرت أخيرا إحدى الجنائز لأحد معارفي ،و أثار انتباهي ،أن المشيعين كانوا عند تقديمهم العزاء لابن الهالك الصغير السن و الذي لم يكن عمره يتجاوز 12 سنة ،يوجهون له الكلام قائلين:
” كن راجل ”
و من المعلوم أن هذه الجملة غالبا ما تكون محملة بمعاني: القوة ،الثبات ،النزاهة ، الشجاعة ، الإقدام ، القيادة…الخ
و لعل هذا المنطوق يفيد أن ” الراجل” ،أي ” الذكر ” هو قائد الأسرة و ضامن أمنها و سلامتها.
ففضلا عن كون هذه التعابير في مثل هذه المواقف و في سن الطفل المكلوم غير مستحبة ،فإنها تُحيل على مضامين الثقافة الشعبية و التي هي تجسيد لنمط المجتمع ، و الذي هو ” أبيسي” بامتياز .
و من المعلوم أن كثيرا من الأقوال و الأمثال في المجتمعات الغير القارئة تعتبر مصدرا للمعرفة .
كما أنها تحيل أيضا، على النموذج ” البطريركي ” الذي هو نظام أبوي / ذكوري .
و هو تنظيم اجتماعي يتميز بسيادة الرجل / الذكر / الرئيس ، و تبعية النساء و الذرية بما فيها التبعية القانونية ، و هو ما اصطلح عليه – طبعا – بالنظام ” الأبيسي” .
بعد هذه اللقطة ،تساءلت :
لماذا تغيب المرأة في مثل هذه الأقوال؟
أو لماذا لايُطْلَبُ من الأطفال أن يُشْبِهوا لأمهاتهم؟
أو لم يحن الأوان لتغيير لغة الكلام / الخطاب ؟
إن الجميع يعلم أن أغلب النساء يقدمن لأسرهن ، ما لا يمكن أحيانا تصوره : حضانة الأطفال، السهر على تربيتهم و تنشاتهم و رعايتهم ، العمل من أجل إعالتهم في ظروف صعبة ( الحقول ،المصانع ، المنازل …الخ ) ،إعداد الطعام لأفراد الأسرة، تنظيف و تكنيس المنزل العائلي …الخ ، فضلا عن مشاركة الرجل في احتضان القضايا الوطنية و الكونية الكبرى …الخ .
بل إن ما تقوم به المرأة اتجاه عائلتها و البلاد لن يستطيع الرجل في الغالب الإيفاء به .
لذلك آن الأوان ،لنغير مفاهيمها، أقوالها و خطاباتنا التي تُغَيِّبُ المرأة، و لا تنصفها قانونا و واقعا.
كما أنه حان الوقت ،لنقدم : الام – البنت – الزوجة – و الأخت و باقي النساء كنماذج يُقْتَدى بها ، و تاريخ بلادنا غني بهذا النوع من السيدات اللائي لعبن ادوار ريادية و قيادية في حقب تاريخية و في محطات و منعطفات فارقة و حاسمة .

صورة : زينب النفزاوية
زوجة ” يوسف بن تاشفين “.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading