بقلم : عبد القادر الغزاوي
تعتبر المتاحف سواء منها العمومية أو الشخصية فضاء تاريخيا وثقافيا ، ومرجعا لانتشار التاريخ والثقافة والفكر ، ومركزا ثقافيا مفتوحا في وجه رواد ومحبي المتاحف ، وكذا المهتمين والدارسين والباحثين في ثقافة وحياة الشعوب والأمم . وقد احتلت المتاحف مكانة مهمة في المجتمعات والبلدان ، و ساهمت في حفظ التراث التاريخي والعمراني والإنساني بشتى أنواعه وأشكاله.
وقد اهتمت بعض البلدان ورهط من الأشخاص المهتمين بإحداث وإنشاء مختلف المتاحف من أجل الحفاظ على التراث التاريخي والإنساني ، وجعلها رهن إشارة الجميع لزيارتها والاطلاع على محتوياتها من الأشياء النادرة والثمينة ذات قيمة تاريخية وعلمية وفنية وإنسانية .
وفي مدينة شفشاون الجوهرة الزرقاء ، الواقعة بشمال المغرب ، ( أحدث المتحف البلدي للتراث الشفشاوني أواخر سنة 2017 بموجب اتفاقية شراكة جمعت كلا من الجماعة الترابية لمدينة شفشاون وجمعية ارحيوة للتنمية الثقافية والتراث والبيئة وجامع التراث الشفشاوني محمد البوقديدي ، الاتفاقية صودق عليها بإجماع أعضاء المجلس .
يقع مقر المتحف بشارع الحسن الثاني ويتكون من أربعة فضاءات وبهو، الفضاء الأول خصص للألبسة التقليدية ، الفضاء الثاني نواة مكتبية لجمع كل ما كتب عن شفشاون أو كتبه أهلها مفتوحة في وجه الطلبة والباحثين في التراث الشفشاوني وبالمجان ، وللإشارة فقد ساهمت المكتبة إلى حدود كتابة هذه الأسطر في 13 بحث جامعي حول تراث شفشاون . الفضاء الثالث خصص لنموذج بيت النوم الشفشاوني الأصيل بكل مؤثثاته ، الفضاء الرابع خصص للأواني الفخارية ، النحاس والفضيات ، أما البهو فقد خصص للصور الفوتوغرافية التوثيقية ، المخطوطات ، المسكوكات والطوابع البريدية … الخ ) .
ويعتبر هذا المتحف الشفشاوني من المتاحف القلائل الموجودة بالمغرب بصفة عامة ، وبمدينة شفشاون بصفة خاصة ، ويضم مجموعة من الكتب الثمينة والمخطوطات النادرة في أصناف المعرفة والعلم ، وخاصة المتعلقة بتاريخ وتراث مدينة شفشاون ، أو التي أنتجها وألفها أبناء المدينة . وتشتمل على أسفار ذات أهمية فكرية منها المطبوع والمخطوط والحجري والمصور ، بالإضافة إلى المجلات والجرائد والمطبوعات والوثائق في شتى مجال الفكر والأدب واللغة العربية والنحو والفقه والتصوف والدراسات الإسلامية والفلسفة والتاريخ العربي والإسلامي خاصة المغربي والأندلسي ، بالإضافة إلى التراجم والموسوعات والمعاجم ، بالإضافة إلى أثاث البيت الشفشاوني الأصيل والنادر وملحقاته ، وكذا مختلف الأواني النادرة والثمينة الفخارية والمعدنية النحاسية والفضية والزجاجية ، وكذا الأزياء التقليدية الشفشاونية الرجالية والنسائية . وكذا مختلف الصور الشخصية والوطنية والتاريخية سواء للأشخاص أو مدينة شفشاون والمآثر التاريخية والعمرانية .
إلا أن المتحف لا يتوفر على فهرس وتصميم توضيحي له حتى يسهل على الزائر العثور على مبتغاه من الزيارة التاريخية والثقافية .
ونظرا إلى أهمية هذه الثروة التاريخية والثقافية التي يضمها هذا المتحف ، فإن بابه مفتوح أمام الزوار ، وبات مزارا لطلاب العلم والفكر ولكل راغب في البحث والاطلاع على تراث وتاريخ مدينة شفشاون ، منهم الطالب والباحث والكاتب والدارس قصد الحصول على هدفهم المعرفي التاريخي والإنساني ، فأصبح صيته معروفا لدى عموم المثقفين والدارسين . ونجد المكلف به دائما في خدمتهم ورهن إشارتهم ، فلا يبخل عليهم بمدهم بما يطلبون من المعلومات والمساعدة والتوجيه والإرشاد ، قدر المستطاع ، مع السعي إلى إرضائهم ، دون كلل أو ملل أو اعتذار .
فلا يسعنا في الأخير إلا أن نشير إلى أن هذا الفضاء التاريخي والثقافي يرجع الفضل في إحداثه وإنشائه إلى السيد رئيس المجلس البلدي المحلي وجمعية ارحيوة للتنمية الثقافية والتراث والبيئة والأستاذ محمد البوقديدي الذي يعد من محبي التراث التاريخي والانساني والثقافي لمدينة شفشاون الجوهرة الزرقاء والمهتمين به .