– ذ : إدريس حيدر
أم أنه يشهد تراجعا على مستوى فهمه و استيعابه للأحداث و تصوراته لها بفعل تقدمه في السن ، أم هما معا ؟
ضَعُفَت ثقته بنفسه ، و بدأ يضع حواجز و مسافات مع الغير .
و من جهة أخرى، أصبح يُعَإني من سلوكات أفراد أسرته ، فزوجته كانت قد أمست تشتكي منه على اعتبار أنه مرهق و متعب، نظرا لإقحام نفسه في أشياء تتعلق بتدبير شؤون المنزل ، و بالتالي أصبحت ردود أفعالها و سلوكاتها اتجاهه تتميز بالعنف اللفظي ،كما أن ابناءه الذين احبهم ، و كان يعيش و يعمل و يكد من أجلهم، بدأوا هم الآخرين ينهرونه.
تأثر كثيرا لهذا التعامل غير اللائق لأفراد أسرته، و قرر إخلاء المنزل لفترة قد تطول ، لعلهم يشتاقون إليه.
إلا أنه لم يتلق أي رد فعل إيجابي بهذا الخصوص.
مرت بضعة سنين ،و بدأت صحته في التدهور نتيجة تقدمه في السن .
أصبح نحيفا و ممتقع اللون و أَمْيَلُ للصفرة ،كما أن بعض أسنان فمه الأمامية، كانت قد سقطت ،علاوة على إهماله لنفسه ،بحيث أصبح منظره يثير الشفقة .
انقطع عن الناس ،خاصة و أن لا أحد من أصدقائه أو رفاقه في النضال كان يسأل عنه ،كما أنه لم يعد يُسْتَدْعى للانشطة المنظمة.
أثر ذلك فيه كثيرا ،و بكى طويلا كلما ظل لوحده.
و في محاولة جديدة منه و بغية كسر ذاك الحاجز النفسي الذي تكون لديه ،خرج من جديد لممارسة الرياضة ، و تردد ثانية على المنتديات و إِنْ بدون استدعاءات ، إلا أنه تأكد بأنه هُمِّشَ و لم يعد ذاك الرجل المحبوب و المقبول ،أينما حَلَّ وَ ارتحل .
انزوى مرة أخرى في إحدى الدواوير المجاورة لمدينته ، و اعتمر أحد الاكواخ التي ورثها عن الهالك أبيه .
و قرر الانكباب على القراءات المختلفة و تحرير نصوص يعبر فيها عن قناعاته و أفكاره التي يؤمن بها ، و رصد الأحداث الاجتماعية و تحليلها أو التعليق عليها .
و ارتأى ،أنه و بهذه الطريقة ،سيواكب الأحداث ، و سيشارك برأيه في صيرورتها ،كما أنه سيبقى على اتصال و حوار و نقاش مع الجمهور .
و هكذا بدأ ينشر ما يكتب كل يوم .
يتبع …