حياتي بالمهجر : بداية الإقامة في فرنسا…

2 يوليو 2022

الفنان : محمد الرايس

دخلت فرنسا سنة1985، وكان ذلك قبل بدء تطبيق نظام قانون التأشيرات (code des visas). قبل أن تصبح إسبانيا عضو في المجموعة الأوروبية , ما يسمى اليوم الإتحاد الأوروبي ، أما دول أوربا الشرقية كانت لا تزال تحت وصاية الإتحاد السوفياتي السابق والكتلة الشرقية لحلف وارسو المنحل .. كانت زمنها كل حدود الدول الأوربية مقفلة فيما بينها ولا وجود لما يسمى بالعملة النقدية الأوروبية ولا بإتفاقية شنغن وحرية التنقل والحق بالعمل لجميع أعضاء المجموعة الأوروبية , كان وقتها دخول فرنسا بلا تأشيرة .. فقط يجب ملئ fiche de barquement مطبوع طلب دخول الأراضي الفرنسية وتقديمه لشرطة أمن الحدود ، بعدها يقررون إما بالقبول أو الرفض باجتياز الحدود ! وبفضل وثائق رسمية من أجل إجتياز امتحانات مباريات ولوج المدارس العليا للتعبير التشكيلي بفرنسا ، تم السماح لي بدخول التراب الفرنسي و ختم جواز سفري والسماح لي بالإقامة المؤقتة لمدة 3 شهور، بعدها يجب مغادرة فرنسا في حالة عدم تسوية وضعيتي و حصولي على بطاقة الإقامة من ولاية الإقليم الذي أنوي الإستقرار فيه . بدأت رحلتي على متن قطار من محطة سطاسيون فرنسا ببرشلونة إلى باب حدود جنوب فرنسا بمدينة سربير ، بعدها أخدت  قطار Expresse SNCF حيث قضيت يوم بكامله في رحلة طويلة إلى أن وصلت محطة Gare de Paris-Saint-lazar ، حيث قضيت  الأولى بالعاصمة باريس بنفس المحطة وحيدا..و ممدودا على كرسي جلوس المسافرين ، سكنني وقتها الخوف والرعب بسبب صعاليك ولصوص الليل على نفسي وأمتعتي … ، لكن دوريات الأمن الوطني الفرنسي ورجال حراسة كانو يانسونني لحسن الحظ ، وفي الصباح نهضت مبكرا و قصدت مقهى بالمحطة و تناولت قهوة بالحليب وحلوى كرواسان خفيفة ، وبعدها حجزت تذكرة للسفر.. حيث أخدت قطار TGV لأول مرة المتجه نحو مدينة رامس ، وصلتها نصف النهار ، بعدها إمتطيت رقم الأوطوبيس الذي يمر بالقرب من المدرسة الجهوية العليا للفنون الجميلة والتطبيقية ، وصلت مبنى المؤسسة الفنية حيث بدت لي من بعيد شكلها المعماري حديث التصميم عبارة عن بناية ذات واجهة زجاجية … لكن للسوء الحظ كانت أبوابها مغلقة ، حيث كان يوم عيد وطني بفرنسا ، وكنت وقتها متعبا كثيرا ، فجلست بجانبها وحيدا رفقة أمتعتي وملف كبير للرسوم الفنية الشخصية ، وبعدها لا حظت شاب يقترب مني ، كانت ملامحه تبدو مغربية ، وإقترب مني مبتسما ومخاطبا إياي : هل أنت مغربي ؟ وأكمل حديثه قائلا …. ، على ما يبدو أنك وحيدا وغريبا ! وربما تريد إجتياز مباراة الفنون الجملية؟ أليس كذلك؟ ، وهل لك مكان للمبيث ؟ قلت له مرددا بالدارجة المغربية ( باقين خويا على الله) و سأحاول البحث عن نزل للمبيث ! فرد قائلا … أنا كذلك طالب مغربي من مدينة مراكش وأتابع دراستي هناك بكلية العلوم ، هيا معي ، سأساعدك … هناك طالب مغربي يتابع هو كذلك دراسته بالفنون الجميلة يقيم معنا بنفس الإقامة (Sonacotra). رافقت الأخ الطالب بكلية العلوم المراكشي الاصيل ذو القلب الكبير و بعدها إتصل بطالب مغربي أخر ، مخاطبا إياه … معي طالب مغربي سوف يجتاز مبارة المدرسة الجهوية للفنون الجميلة والتطبيقية هنا بمدينة رامس … هل تريد أن تتعرف عليه؟ ، فرفض صاحبنا الطالب الفنان أن يتعرف علي ، كان صاحبنا خريج لشعبة الفنون التطبيقية بمراكش أصله من الصويرة ، فإستغرب الأخ المراكشي وشمأز كثيرا ! ورد علي لا عليك ! سأقدمك لطالب عربي من سوريا هو كذلك طالب بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة والتطبيقية ( يتابع بشعبة الفنون المعمارية) ، وفعلا جاء عندي الطالب العربي مرحبا وممبتسما من أعماق القلب و إستقبلني بترحاب قوي وإنساني وأخوي منقع النظير ، وفتح باب بيته حيث كنت أنام معه دخل غرفته ..وكذلك بعض الإخوة من وجدة ومراكش بحفاوة وإنسانية ظلت صورها راسخة في مخيلتي الى اليوم ، حيث قضيت معهم ذكريات جميلة تقارب العشرين يوما ب بمدينة رانس الساحرة ( Reims)عاصمة شامبانيا أردين في شمال فرنسا، التي تقع على بعد 144 كلم شمال شرق باريس. لكن القدر سيقودوني الى شرق فرنسا حيث ستكون بديجون عاصمة منطقة البرغون la borgoune حيث سألتقي بشفيق الزكاري عن طريق الصدفة والغريب هذه المرة سيكون شخص من مدينتي كان هو أول مغربي إلتحق بالمدرسة الوطنية العليا للفن والتصميم ( الفنون الجميلة كما كانت تسمى من قبل ) بديجون العاصمة التاريخية لمملكة البرغون القديمة ومازالت حكاياتي بالمهجر طويلة ويصعب البوح بكل أسرارها…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading