تحركت آلة الانتقام منه و من زوجته ” ملاك” من طرف مرؤوسيه ،معارفه و الناس كافة ،بعد أن علموا بقرب نهايته .
حاول الرجل المهم ،مراجعة مسلكياته و الاقتراب من الغير إلا أن ذلك لم يجديه نفعا ،ذلك أن محاولاته جاءت متأخرة .
كما أن زوجته ” الطاووس” حاولت من جهتها هي الأخرى ،ربط الاتصال بأفراد أسرتها و معارفها القدامى ،إلا أنها لم تفلح في إعادة المياه إلى مجاريها ، بل ووجهت بعدم الاهتمام و اللامبالاة و في الرغبة بعدم لقائها .
و كانت البلاد تعرف هزات إجتماعية قوية ،نتيجة الهجوم الشرس على قوت المستضعفين من طرف أصحاب القرار السياسي بتحالف مع الجهات المستفيدة .
و تلا ذلك الاحتقان الاجتماعي و السياسي ،اعتقالات بالجملة ،طالت النشطاء السياسيين ، و لم يُشْرَك زوج ” ملاك” في هذه العمليات و لم تسند له أية مهمة ،و هو الذي كان يعشق هذه المحطات و يمارس فيها جنونه و يسقط على الغير امراضه النفسية .
و بعد هدوء الأوضاع نسبيا ، صدر القرار الذي كان متوقعا و القاضي بإقالته من مهامه و إحالته على التقاعد .
نزل الخبر كالصاعقة على زوجته ” ملاك ” و على غيرها من مقربيه.
و هكذا أصبح الرجل القوي بعد تجريده من مهامه ،رجلا عاديا ، محروما من وجاهته التي أَلِفَها منذعقدين من الزمن .
تحرك في كل الاتجاهات من أجل إعادة اعتباره ،إلا أن الأبواب ظلت موصدة في وجهه و هُمِّشَ تهميشا فظيعا .
و صباح يوم رمادي و خريفي، انتشر خبر انتحاره كالنار في الهشيم ،فقد عُثِر على جثته معلقة في ركن من منزل كان يتردد عليه بصحبة خليلاته ،حيث كان يقضي فيه أوقاتا ملؤها اللهو و المجون و الرقص و شرب الخمر.
و كان يُسَمِّي تلك الإقامة ب ” المنتجع ” و يؤكد أن الاوقات التي كان يقضيها هناك ،كانت بمثابة حقنة يتناولها للتخفيف عن نفسه من الضغط الرهيب الذي كان يُعاني منه .
و شاع همسا ،أن أصحاب القرار السياسي ،ربما هم قاتلوه ،نظرا لكونه كان يحمل اسرارا جد خطيرة ، عن الدولة و عن الأشخاص الذين هم في موقع القرار ،بل و ذات طابع استراتيجي تمس أمنها.
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.