[/success]
محمد علوى
☆ ☆
لم أكن أدري أني منتشر في الفراغ بهذا الحضور ، إذ تجدني في ركحه أتنطط بين زواياه ، تتقادفني أكر متعددة الألوان ، مخيفة تنادي بعضها مقهقهة بأسماء غريبة (بيطا ، دلتطا ، أوميكرون.) و أنا جاحظ العينين أحاول متوجسا ملامسة السينوغرافيا الخرافية التي تتجدد مشاهدها بتلوينات الأضواء المتماهية مع حركات جسدي المرتعشة ، تتماشى و نبرات موسيقى صخب عبدة الشياطين ، الممزوجة بهمهمات جنائزية.
فجأة !
تباغثني تلك الشيطانة كرونا مكسرة الجدار الرابع ، متقمصة هيأة عاقصة في شكل كرة تداخلت ألوانها ، تسيل منها لزوجة مستفزة ، تتموج بجسد هلامي تمسك بتلابيبها مخلوقات تكون شكل ذيل طاووس ، برؤوس ديكة رومية بواسطة خيوط لعابية متشابكة ، تخاطبني متهدجة بصوت ارتدادي ، مومئة لي بصولجان ناري ، رأسه منجلي قائلة:
– تقوقع أيها الممثل الفاشل في مسرح الفراغ ، إنك لم تقرأ دورك بالشكل المطلوب ، فتسببت في اضطراب السيناريو ، و لحنت مستعملا لغة أكلوني البراغيث ، فأفسدت فراغ مسرح الفراغ ، بعد أن غيرت معانيه.
استدرت متموجا بحركة لولبية
مرتعش الجسد ، جاحظ العينين ،
جاثيا على ركبتي أخاطبها بصوت لاهث ترافقه قراعات جلاجل و همهمات جنائزية :
* هييه ، أنت أيتها الرعناء ، لن ترهبني أورادك ولن تكبلني تمائمك ، فقد حصنني سيدك برنوخ في كواليسه ، ورصد حارسه ميمون على باب مسرح الفراغ لحراستي ، بعد أن أعطاني سيناريوها جديدا حتى أستطيع لعب الأدوار بحريتي في زوايا الأمكنة ، و على مدى الأزمنة .
انتصبت أمامي تحدد مكاني بصولجانها و تأمرني بالركوع فانعقفت ويدي ممدودة إلى الأمام ، مستميلا هامتي نحو الأعلى ، وناديت بصخب ، رددته الزوايا ، ترفقه ولولة الرؤوس الأكرية التي ترامت في كل الجنبات :
* “برنووووووخ”! أينك أيها الساحر الأوحد ؟!
رعد و برق و دخان أزرق ، ينبعث منه ساحر من زمن سيف بن ذي يزن ، فيدخل قادفا العاقصة كرونا بيد يتدفق منها غبار متعدد الألوان ، فتبدأ الجنية في التراجع ، غائرة وسط جمهورها مرددة :
– لا . لا
إن الفراغ لي ، سياتي يوم أنتزعه منكم ، عندما يعود شهريار و ملك الجن سمهروش ، من رحلة صيد بجبل قاف ، بجزيرة الوقواق وذهبت ترددات الصوت تتلاشى واق ،واق ، واق.
أحسست أني أختنق و لا استطيع بلع ريقي و تكتسح القشعريرة جسدي فاستفقت من نومي على صليل صوت عاقصة بيتي يأتيني من بعيد:
= انهض أيها الكسول ، لقد ملأت حموضتك الأرجاء ، أليس لك ما تقوم به؟!
أجبتها منتفضا مذعورا:
* هناك ما أفعله
سأذهب لأتجول في حديقة الفراغ ، وألعب كرة المضرب بكرات غربية جديدة مع السقرديون و السقرديس ، و أزور الجميلة الغالية بنت منصور ، القاطعة سبعة بحور على ظهور النسور راكبا البساط الأخضر ، وآت لك برمانها الضحاك و مكنستها السحرية ، و مائها الزغرات ، ربما يعيد لك ذلك البعض من شبابك و تتحسن نبرات صوتك و يقيك من رعونة الجنية كورونا يا عاقصتي الأزلية.