رحلة حلم كوروني في مسرح الفراغ

28 فبراير 2022

[/success]

محمد علوى

☆ ☆
لم أكن أدري أني منتشر في الفراغ بهذا الحضور ، إذ تجدني في ركحه أتنطط بين زواياه ، تتقادفني أكر متعددة الألوان ، مخيفة تنادي بعضها مقهقهة بأسماء غريبة (بيطا ، دلتطا ، أوميكرون.) و أنا جاحظ العينين أحاول متوجسا ملامسة السينوغرافيا الخرافية التي تتجدد مشاهدها بتلوينات الأضواء المتماهية مع حركات جسدي المرتعشة ، تتماشى و نبرات موسيقى صخب عبدة الشياطين ، الممزوجة بهمهمات جنائزية.

فجأة !
تباغثني تلك الشيطانة كرونا مكسرة الجدار الرابع ، متقمصة هيأة عاقصة في شكل كرة تداخلت ألوانها ، تسيل منها لزوجة مستفزة ، تتموج بجسد هلامي تمسك بتلابيبها مخلوقات تكون شكل ذيل طاووس ، برؤوس ديكة رومية بواسطة خيوط لعابية متشابكة ، تخاطبني متهدجة بصوت ارتدادي ، مومئة لي بصولجان ناري ، رأسه منجلي قائلة:
– تقوقع أيها الممثل الفاشل في مسرح الفراغ ، إنك لم تقرأ دورك بالشكل المطلوب ، فتسببت في اضطراب السيناريو ، و لحنت مستعملا لغة أكلوني البراغيث ، فأفسدت فراغ مسرح الفراغ ، بعد أن غيرت معانيه.
استدرت متموجا بحركة لولبية
مرتعش الجسد ، جاحظ العينين ،
جاثيا على ركبتي أخاطبها بصوت لاهث ترافقه قراعات جلاجل و همهمات جنائزية :
* هييه ، أنت أيتها الرعناء ، لن ترهبني أورادك ولن تكبلني تمائمك ، فقد حصنني سيدك برنوخ في كواليسه ، ورصد حارسه ميمون على باب مسرح الفراغ لحراستي ، بعد أن أعطاني سيناريوها جديدا حتى أستطيع لعب الأدوار بحريتي في زوايا الأمكنة ، و على مدى الأزمنة .
انتصبت أمامي تحدد مكاني بصولجانها و تأمرني بالركوع فانعقفت ويدي ممدودة إلى الأمام ، مستميلا هامتي نحو الأعلى ، وناديت بصخب ، رددته الزوايا ، ترفقه ولولة الرؤوس الأكرية التي ترامت في كل الجنبات :
* “برنووووووخ”! أينك أيها الساحر الأوحد ؟!
رعد و برق و دخان أزرق ، ينبعث منه ساحر من زمن سيف بن ذي يزن ، فيدخل قادفا العاقصة كرونا بيد يتدفق منها غبار متعدد الألوان ، فتبدأ الجنية في التراجع ، غائرة وسط جمهورها مرددة :
– لا . لا
إن الفراغ لي ، سياتي يوم أنتزعه منكم ، عندما يعود شهريار و ملك الجن سمهروش ، من رحلة صيد بجبل قاف ، بجزيرة الوقواق وذهبت ترددات الصوت تتلاشى واق ،واق ، واق.
أحسست أني أختنق و لا استطيع بلع ريقي و تكتسح القشعريرة جسدي فاستفقت من نومي على صليل صوت عاقصة بيتي يأتيني من بعيد:
= انهض أيها الكسول ، لقد ملأت حموضتك الأرجاء ، أليس لك ما تقوم به؟!
أجبتها منتفضا مذعورا:
* هناك ما أفعله
سأذهب لأتجول في حديقة الفراغ ، وألعب كرة المضرب بكرات غربية جديدة مع السقرديون و السقرديس ، و أزور الجميلة الغالية بنت منصور ، القاطعة سبعة بحور على ظهور النسور راكبا البساط الأخضر ، وآت لك برمانها الضحاك و مكنستها السحرية ، و مائها الزغرات ، ربما يعيد لك ذلك البعض من شبابك و تتحسن نبرات صوتك و يقيك من رعونة الجنية كورونا يا عاقصتي الأزلية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading