رأي في كتاب : السر قات الأدبية والترجمة . كتاب المنظري الغرناطي مؤسس تطوان بين السرقة الأدبية والاقتباس الفكري

31 يناير 2022

بقلم : عبدالقادر الغزاوي القصر الكبير( المغرب)

صدرت الترجمة العربية لكتاب ” المنظري الغرناطي مؤسس تطوان” للكاتب الإسباني غييرمو غوثالبيس بوسطو(1916- 1999م) . ترجمة الأستاذين إدريس الجبروني ومحمد القاضي ، منشورات ليتوغراف – طنجة- ، الطبعة الأولى ، السنة 2012 م . في ثلاث مئة وثمان صفحة، يتضمن تمهيد الطبعة الثانية، ومقدمة وعشرة فصلا، بالإضافة إلى العناوين الفرعية، وستة ملاحق. بدون صور كما هو وارد في الطبعة الإسبانية، التي تتضمن ما يزيد عن ثمانية وعشرين صورة، مع عبارة ” جميع الحقوق محفوظة”.
يقول الأستاذ محمد نجيم عن الكتاب في مقال نشره بجريدة الشمال عدد 655 بتاريخ 20/11/2012 : ” باحث إسبان يستعيد فصلا من فصول التاريخ الأندلسي ” ، جاء في أول سطور المقال ما يلي : ( صدر مؤخرا عن دار النشر ليتوغراف في طنجة، الترجمة العربية لكتاب ” ألمنظري الغرناطي، مؤسس تطوان” لمؤلفه الباحث الإسباني غييرمو غوثالبس بوسطو المولود سنة 1916 بمدينة سبتة المحتلة، وقد نقل هذا الكتاب القيم من اللغة الإسبانية إلى العربية : الكاتبان والباحثان المختصان في الثقافة الإسبانية وآدابها، إدريس الجبروني ومحمد القاضي ).
والكتاب نفسه صدرت له ترجمة عربية الطبعة الأولى سنة 2007 م ، عن المركز القومي للترجمة المشروع القومي للترجمة ، تحت إشراف جابر عصفور، ترجمة ممدوح البستاوي ، ومراجعة وتقديم جمال عبد الرحمان ، في ثلاثة مائة وستة وخمسين صفحة ، يتضمن مقدمة المراجع، ومقدمة الطبعة الثانية، ومقدمة المؤلف، وعشرة فصلا، بالإضافة إلى العناوين الفرعية، وستة ملاحق، ومجموعة من الصور نقلا عن الطبعة الإسبانية. مع عبارة ” حقوق الترجمة والنشر بالعربية محفوظة للمركز القومي للترجمة”.
جميل أن تتعدد الترجمات لكتاب واحد، ذي موضوع واحد، ولكن بإضافات ومعلومات جديدة، وبأسلوب ومنهج جديدين، تضفي على الترجمة الجديدة نوعا من الإضافات والمعلومات كانت تنقص في الترجمة السابقة، ولكن أن تكون نسخة طبق الأصل في الموضوع والأسلوب والنقط والفواصل. فهذا منتهى الاعتداء على الملكية الفكرية والسرقة الأدبية ، في واضحة النهار . بالإضافة إلى وجود بعض الأغلاط اللغوية والإملائية والمطبعية في الترجمة المغربية .
لقد اتفق النقاد والباحثون والدارسون على أن السرقات الأدبية عمل غير محمود ولا يشرف الكاتب والمبدع الذي التجأ إليها ، أما الاقتباسات الفكرية فيسمح بها ، وهي ظاهرة أدبية قد عرفها الأدباء والكتاب والشعراء في مختلف العصور، ولكن مع احترام القواعد والشروط الخاصة بالاقتباس، وإلا سيدخل ذلك العمل الفكري في مجال السرقات الأدبية ، وإن تعددت التسميات .
من خلال مراجعة الكتابين المترجمين يلاحظ أن الترجمة المغربية جاءت نسخة طبق الأصل للترجمة المصرية السالفة، بدون تغيير أو تعديل أو إضافات جديدة ، أومتباينة في المنهج والأسلوب وإن كانت فهي طفيفة وقليلة . ويدخل هذا النوع من العمل الأدبي في مجال السرقات الأدبية ، خاصة وأن الترجمة المغربية جاءت متضمنة كل ما ورد في الترجمة المصرية ، منقولة بصفة واضحة ، حتى أن القارئ لا يلاحظ فرقا بين الترجمتين .
وسأضرب مثلا ببعض الفقرات من الترجمتين من كل فصل، تجنبا للإطالة ، حتى تظهر تلك السرقة الأدبية جلية ومكشوفة ، بعيدة عن مجال الاقتباس وتوارد الخواطر ، خاصة وأن موضوع الكتاب تاريخي ، يؤرخ لمرحلة من تاريخ المغرب والأندلس وبعض الشخصيات التي أثرت في تلك الحقبة .

الترجمة المصرية ، مقدمة الطبعة الثانية ، الصفحة رقم 19 :
في عام 1492م، في نفس الوقت الذي كانت تولد فيه آمال عريضة في المسيحية الغربية، كان جزء كبير من المغرب الإسلامي يهوى. بينما كان بنشأ عالم جديد، كان ينهار عالم آخر. إن التاريخ لا يمكن أن يكون محايدا مهما سعينا نحن الذين نزاوله إلى الموضوعية والتخطيط العلمي .

الترجمة المغربية ، تمهيد الطبعة الثانية ، الصفحة رقم 7:
في سنة 1492 م ، في نفس الوقت الذي ولدت فيه آمال كبيرة في المغرب ، كان جزء كبيرا من الغرب الإسلامي (المغرب) قد فقد الأمل . بينما كان يولد عالم جديد ، وعالم آخر ينهار . إن التاريخ لا يمكن أن يكون محايدا مهما سعينا كمؤرخين إلى الموضوعية والطرح العلمي . ربما في هذه الحالة ، نتوفر الآن على وثائق كنا نجهلها من قبل ، ولذلك يجب علينا ان نقترب إلى هذه المسألة من وجهتها الأكثر إنسانية .
الترجمة المصرية ، مقدمة المؤلف الصفحة رقم 23 :
تحدث كتابة التاريخ من وجهة نظري ، سلسلة من حالات الرضى المختلطة بسلسلة أخرى من حالات التردد وخيبة الأمل . فبينما تتسبب الحالات الأولى على نحو خاص في اكتشاف بيانات جديدة تأتي بشيء موصوف إلى أحداث الماضي ، تتسبب الثانية في الشعور الدائم بعدم جودة العمل والشكوك في الموضوعية ذاتها أو في التحليل السليم للبيانات الموجودة .

الترجمة المغربية ، مقدمة الصفحة رقم 11 :
إن كتابة التاريخ من وجهة نظري، تحدث سلسلة من حالات الرضى الممزوجة بسلسلة أخرى من حالات التردد وخيبة الأمل . بينما تتسبب الحالات الأولى على نحو خاص في اكتشاف بيانات جديدة تأتي بشيء موثوق بأحداث الماضي ، بينما تتسبب الثانية في الشعور الدائم بعدم اكتمال العمل والشكوك في الموضوعية ذاتها أو في التحليل السليم للبيانات الموجودة .

الترجمة المصرية ، الفصل الأول تطوان ، تأسيس غرناطي، الصفحة رقم 29 :
الموقع الجغرافي :
يتشكل شمال المغرب من الطرف الشمالي الغربي للقارة الإفريقية ، إنه مثل كتلة عملاقة تريد أن تمتد إلى ما بعد مضيق جبل طارق ، هذا القطع الذي يتشكل مع الأراضي الجنوبية، يلتقي مع شبه الجزيرة الإيبرية .

الترجمة المغربية ، الفصل الأول، تطوان ، تأسيس غرناطي الصفحة رقم 17 :
المجال الجغرافي:
إن شمال المغرب يتشكل من الطرف الأقصى الشمالي الغربي للقارة الإفريقية . إنه مثل كتلة عملاقة تريد أن تمتد إلى ما بعد مضيق جبل طارق، هذا تقطيع يتشكل مع الأراضي الجنوبية ، يلتقي مع شبه الجزيرة الإيبرية .

الترجمة المصرية ، تدمير خيالي وتدمير واقعي للمدينة الصفحة رقم 36 :
هناك فترة في تاريخ شبه الجزيرة الأيبيرية، مفعمة بأحداث حاسمة أكثر من كونها بارزة ، بالنسبة إلى تطور أوربا الحديثة ، وبالتالي ، العالم المعاصر الحالي . إنها فترة بداية التوسع البرتغالي ، بتمهيدات في شمال وغرب إفريقيا ، ونهاية حرب الاسترداد القشتالية واكتشاف عالم جديد .

الترجمة المغربية ، تدمير خيالي وتدمير واقعي للمدينة الصفحة رقم 24 :
هناك فترة في تاريخ شبه الجزيرة الإيبرية ، مفعمة بأحداث حاسمة أكثر من كونها بارزة ، بالنسبة إلى تطور أوربا الحديثة ، وبالتالي ، العالم المعاصر الحالي . إنها فترة بداية التوسع البرتغالي ، بتمهيدات في شمال وغرب إفريقيا ، ونهاية حرب الاسترداد القشتالية واكتشاف العالم الجديد .

الترجمة المصرية ، تطوان منشأة غرناطية الصفحة رقم 42 :
لم تكن محاولة من جانب البرتغاليين لإعمار تطوان ولا حتى لتحصينها . فأنقاضها ، كما رأينا ، كانت تستخدم كمرجع في طريق ذهاب وعودة قوات حامية سبتة عندما كانت تتوغل في البلد . الأسرة المرينية ، الحاكمة في فاس كانت تجود بآخر أنفاسها . لا تكاد تكون لها قدرة لتوطيد نفسها في العاصمة ولا حتى للتصدي بنجاح للغزوات البرتغالية التي تنطلق من مواقعها القوية .

الترجمة المغربية ، تطوان تأسيس غرناطي الصفحة رقم 31 :
لم تكن محاولة من جانب البرتغاليين لإعمار تطوان ولا حتى لتحصينها . فأنقاضها ، كما رأينا ، كانت تستخدم كقاعدة في طريق الذهاب والعودة لقوات حامية سبتة عندما كانت تتوغل في البلد . والأسرة المرينية، الحاكمة في فاس كانت تجود بآخر أنفاسها . لا تكاد تكون لها قوة لتوطيد نفسها في العاصمة ولا حتى للتصدي بنجاح للغزوات البرتغالية التي تنطلق من مواقعها القوية .

الترجمة المصرية، أسباب التمركز الغرناطي في المضيق الصفحة رقم 47 :
بالإضافة إلى أسئلة داوود ، نحن نطرح على أنفسنا سؤالا آخر يشير إلى تمركز الغرناطيين فيما نسميه المعين شبه المنحرف الشمالي المغربي .

الترجمة المغربية ، أسباب التمركز الغرناطي في المضيق الصفحة رقم 34 :
بالإضافة إلى أسئلة داوود ، نحن نطرح على أنفسنا سؤالا آخر يشير إلى تمركز الغرناطيين فيما نسميه المعين شبه المنحرف الشمالي المغربي .

الترجمة المصرية ، الفصل الثاني شخصية المنظري الصفحة رقم57 :
شيء من الترتيب الزمني :
كانت الحرب الغرناطية الأخيرة قد اندلعت منذ عام . كانت في المملكة نفسها حرب أهلية أخرى تقوض أسس النفوذ الإسلامي والتي ستقضي عليه في سنوات قليلة . كان أبو الحسن ، عاهلها الأخير ، يساعده أحيانا شقيقه الزغل ، يواجه ابنه أبا عبد الله .

الترجمة المغربية ،الفصل الثاني شخصية المنظري الصفحة رقم 43 :
الترتيب الزمني (الكرونولوجي) :
كانت الحرب الغرناطية الأخيرة قد دامت سنة ، وكانت في المملكة نفسها حرب أهلية أخرى تقوض أسس النفوذ الإسلامي والتي ستقضي عليه في سنوات قليلة . كان أبو الحسن عاهلها الأخير ، يساعده أحيانا شقيقه الزغل في مواجهة ابنه أبا عبد الله .

الترجمة المصرية ، الفصل الثالث زيجات المنظري الصفحة رقم 83 :
عروس القائد التطواني الغرناطية :
إن سيرة ماركيزمونديخار وكونت تينديا ، أول حاكم مسيحي لقصر الحمراء وقائد عام لمملكة غرناطة،تقدم لنا رواية لحدث أصيل في حد ذاته ، بل تفيدنا ، بالإضافة إلى ذلك ، في ضبط بعض التواريخ والبيانات المتعلقة بتأسيس تطوان وبمؤسسها . بالإضافة إلى ذلك تعد هذه الرواية المصدر الوحيد الذي يحدثنا عن ذلك .

الترجمة المغربية ، الفصل الثالث زيجات المنظري الصفحة 65 :
عروس القائد التطواني الغرناطية :
إن سيرة ماركيزمونديخار وكونت تينديا ، أول حاكم مسيحي لقصر الحمراء وقائد عام لمملكة غرناطة، تقدم لنا رواية لحدث أصيل في حد ذاته ، بل تفيدنا ، بالإضافة إلى ذلك ، في ضبط بعض التواريخ والبيانات المتعلقة بتأسيس تطوان وبمؤسسها . بالإضافة إلى ذلك تعد هذه الرواية المصدر الوحيد الذي يحدثنا عن ذلك .

أكتفي بسرد هذه الفقرات المنقولة من الترجمة المصرية مع مقارنتها بفقرات الترجمة المغربية ، وهي كافية ، ولا تحتاج إلى مزيد من الفقرات والأمثلة . وذلك تجنبا للإطالة وما يمكن أن يسبب للقارئ من الملل والضجر ، ويمكن للقارئ الرجوع إلى الترجمتين وإجراء مقارنة بينهما ليحصل على ما يود ويرغب في المزيد من الاطلاع والمعلومات ، سواء في الفصول أو في العناوين الفرعية أو في الملاحق .
من خلال ما سلف ذكره في السطور السالفة في بداية مقالي ، حاولت إظهار السرقة الأدبية التي طبعت كتاب ” ألمنظري الغرناطي مؤسس تطوان ” الترجمة المغربية ، وما تتضمن من شواهد وأمثلة على السرقة الأدبية في فصول الكتاب ، والسطو على المجهود الثقافي للآخر ، دون الإشارة من طرف المترجمين إلى الكتاب نفسه في ترجمته المصرية كمرجع اعتمدا عليه ، أو استعانا به في ترجمتهما . فمن شاء فليقرأ الترجمتين وسيلاحظ ذلك بدون عناء أو مجهود في البحث عما يوضح السرقة الأدبية . وسيجد القارئ نفسه أمام كتاب أصلي وكتاب نسخة طبق الأصل مع بعض التغييرات الطفيفة جدا ، لا تغير من الترجمة الأولى شيئا ، ولا تضيف إليها شيئا جديدا ، أو معلومات غفلت عن ذكرها الترجمة الأصلية ، كل ذلك تم في عملية نقل أمين وسطو جميل ، وأنهما لم يخرجا من جلباب الترجمة المصرية ، أو كما يقال عند مستعملي الكومبيوتر ( نقل و لصق) . وبعد ذلك كتبا على غلاف الكتاب ترجمة إدريس الجبروني ومحمد القاضي . إن القارئ للكتاب لتعروه الدهشة والحيرة من هذا العمل . ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) . الآية رقم 17 سورة الرعد .
إن النقاد والباحثين والدارسين سيكتشفون تلك السرقة الأدبية بكل سهولة ، وسيجدون ما فيه الكفاية من الشواهد والدلائل على ما يثبت السرقة الأدبية ، وهي عديدة ومتنوعة في كل كتاب الترجمة المغربية ، وليست مقصورة على فصل أو عنوان دون آخر . وهذا لا يدخل في باب الاقتباس الثقافي المعمول به عند الأدباء والكتاب والشعراء في مختلف العصور، كما سبق ذكره أعلاه ، وإلا صار ذلك العمل الأدبي سرقة أدبية ، وسطوا فكريا على أعمال الآخر ، وهو عمل مذموم ، ( فاجتنبوه لعلكم تفلحون) ، الآية رقم 90 سورة المائدة . وأختم قولي بقول توفيق الحكيم (1898-1987م) : ( لا ملكية للأفكار، ولكن الملكية للنصوص ) . ويقول الشاعر الفرزدق (641 -732 م ) : ” خير السرقة ما لا يجب فيه القطع ” . وهو يقصد سرقة الشعر ، الذي لا يجب فيه قطع يد السارق ، لا سرقة الأعمال الفكرية والإنتاجات الثقافية للآخرين .

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading