مقام البوح 12دار الصنعة – دار الشرفا

13 أغسطس 2023

 



دار الصنعة – دار الشرفا

محمد أكرم الغرباوي

مقام البوح 12
عدوة باب الواد ، حي الطابية ، القطانين ، سوق الصغير ، سيدي قاسم بن زبير … بكل منها منزل عتيق بأقواس و فناء كبير بزليجه الثماني الرؤوس . الطريق إلى دار المعلمة او دار الصنعة ، ضيق و ملتوي ، ببهوه أو بركنه المقوس ( المقعد ) فتيات و نسوة في حديث عن العادات و الزواج و الولادة وأخبار المدينة و اللاشيء … . وأحيانا يكن في همس طويل ينتهي بضحكة طويلة تقابلها المعلمة – هي في الغالب صاحبة المنزل – بكلمة تعجبية واحدة فقط – إيوااا !!! – ماالحكمة في هذه الكلمة ( إيوا ) تخرس الألسن و تحمر لها الوجنات . كافية لإنهاء كل صخب أو غضب


لاوجود لمقاعد خشبية بالفناء فقط ملفوفات من الملابس القديمة أو الصوف أو التبن تجمع بثوب أو جلد على شكل دوائر عرفت بالفرتلات أو البوفات أو طابورات .
يجلسن على أطراف الفناء بشكل حلقة أو نصف دائرة . كل واحدة تتكلف بأدوات إشتغالها . عبارة عن حلقتين من الخشب تجتمعان مع بعضهما بمقبض حديدي . ( المرمة او البستيدور ) . لتشكل آلة ضغط الثوب ومكان الطرز و الحياكة . إبر مختلفة ، و خيوط من حرير مختلف ألوانه. وقطعة ثوب حسب المنتوج ( نطع ، سوسدي …) قد تكون ( مخدة ) وسادة مربعة او مستطيلة ( مسند ) أو غطاء ( صبانة ) أو ملابس العروس ( قفطان مزكرش ، قميص و سروال ) . كانت المعلمة تتكلف بالإتفاق مع الزبونات المقبلات على الزفاف لإعداد إحتياجاتها الأساسية في العرس التقليدي من طرز مستلزمات بيت الزوجية . ( الشوار ) . شرط عدم إستعمال الماكينة . و إعتماد العمل اليدوي . بعدها تقوم بعملية الفصالة وتوزيع الأدوار حسب مهارات و إتقان الصنايعيات بمنزل دار المعلمة . او دار الشريفة .


الزغاريد تسمع أحيانا من داخل دار الصنعة .إعلانا عن إنتهاء منتوج، أو هدية ( الحلاوة ) من مقبلة على زواج . أو إستغلال عدم تواجد المعلمة واطلاق العنان لأصواتهن الجميلة .
زقاق العطارين نسبة إلى فضاء مخصص لبيع أنواع الحرير و ليس العطور . كانت محلاته متراصة في صفين متقابلين داخل قيسارية وسط المدينة ببابين تطلا على الشارع الكبير المقابل لعدوة حي الشريعة ، تستقبل هذه الدكاكين المعلمات الطرازات قصد إختيار الحرير الذي كان في الغالب بلون أخضر . وأحيانا أحمر أو أزرق . هكذا كانت ألوان الأثواب المطرزة . [ قيل لي أن الاخضر يخصص لطقوس الزواج و الأزرق للعقيقة و الأحمر للزينة ] بالمقابل كانت بعض المعلمات تقوم بمقايضة ثمن الحرير بالعقد الحريرية . حيت كان ببيت الصنعة بعض الصانعات المتخصصات في العقاد ( – جمع عقدة – الجلابة الرجالية أو القفطان النسائي الذي كان يومها يجمع في الوسط بعقد من العنق الى أسفل الركبتين

.)
أصحاب المحلات بالعطارين سي محمد الشريف ، العياشي ، عبد السلام ، المالكي … كانوا صلة وصل حرفي ومهني بين المعلمين و المعلمات و صانعات الإكسوارات أو مكملات اللباس التقليدي من قبيل العقاد أو ( المجدول ) حزام او شوشات وهي عبارة عن تجميع خيوط الحرير لوضعه بالقبعات الرجالية أو غطاء الجلباب النسائي قصد الزينة )
كان حي الطابية بعدوة باب الباب و قربه من العطارين و الديوان حيت تواجد مصفوفات دكاكين الخياطة معروف بالعديد من الشريفات اللواتي جمعت الفتيات و النسوة و علمتهن الحرفة و الصنعة و إمتهان الحلال . قصد إعالة أنفسهن و أسرهن و أزواجهن . وإستثمار للجهد و الوقت . و تيمنا بحكمة البسطاء . الصنعة إذا ماغنات تستر . كانت البيوت و المنازل معروفة بدار الصنعة او الشريفة أو بأسماء نساء نحثن إسمهن بفخر وإكبار و نلن الدعوات و البركات . دار المعلمة ربيعة . الزاهية . فطوم . الفاسية . اللواتي فتحن مدارس عائلية زرعن في روادها ومتعلميها الأخلاق و القيم الكثير من العفة و الكرامة .
تعددت الأسماء و الصفة واحدة الشريفة المعلمة .
بالمقابل كانت الأندية النسوية العصرية التي جمعت بين رياض الأطفال و التعليم الحرفي النسوي . بالمركز الثقافي و المعهد الموسيقي حاليا ، و دار السدراوي بحي الأندلس تبرع و تبهر لتؤسس لفضاءات نسوية تقنية جديدة.
محمد أكرم الغرباوي
كاتب و مخرج مسرحي

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading