ذ : إدريس حيدر
مر بعض الزمان سريعا.
و في إحدى صباحات فصل الصيف ، تردد على مكتبي ثانية السيد ” محمد اليونسي ” و كانت برفقته سيدة قدمها لي باعتبارها زوجته.
كانت هذه الأخيرة كئيبة ،حزينة و رثة الملابس .
و كان قد قصدني بهدف رفع دعوى القسمة ضد أفراد عائلته الوارثين في أبيه و الذي خلف لهم جميعا منزلا صغيرا في المدينة.
سألته عن أحواله، صمت قليلا ،ثم أطلق زفرة حارة و قال :
” لازلت اعمل في مصلحة النظافة هناك في الديار الإسبانية ، كما أن زوجتي تعمل لدى إحدى الأسر خادمة . و أصبح لدي الآن أربعة أطفال ، و قد تعبت من حياة الاغتراب ،و الآن أعيش ذائقة مالية بسبب كثرة التحملات المالية للأسرة التي أصبحت متعددة الأفراد، كما أن زوجتي مريضة و اعتقد انها مصابة بمرض ” بوزلوم ” (هكذا نطقها) و أريد الاستعانة ببعض المال الذي سأحصل عليه من قسمة منزل المرحوم أبي ،لتسديد كذلك بعض الديون العالقة بذمتي .”
أودع وثائقه ،و تاملني طويلا و كانت نظراته مليئة بالألم و الحسرة و كأنه يريد إبلاغي أنه أخطأ الاختيار .
و هو يستعد للانصراف من مكتبي ،تأملته ، كان قد كبر و ذبل وجهه و احدودب ظهره و بدا يجر رجليه و كأنه أصيب بشلل جزئي و اختفى…
انتهى…
تشكيل : إدريس حيدر.