ذ : إدريس حيدر
منذ : 20|12|2021 يشهد المغرب تحولا ” نوعيا سلبيا ” في التعاطي مع مكونات منظومة العدالة و بشكل خاص مع ” هيئة الدفاع ” .
فقد قرر الثلاثي :
– وزير العدل.
– الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية .
– رئيس النيابة العامة .
إجبارية الإدلاء ب” جواز التلقيح ” لولوج المحامي إلى المحكمة .
هذا الإجراء أثار حفيظة المحامين الذين انتفضوا دفاعا عن مهنتهم و كرامتهم.
و على ضوء هذا الحدث الغير المسبوق و الغير العادي ، لا بد من تسجيل الملاحظات التالية :
1- أخذت المحاكم و محيطاتها أوضاعا شبيهة بملحقات مؤسسات وزارة الداخلية : الولايات ،و الباشويات. ذلك لكونها أصبحت مطوقة و محاصرة بسيارات الشرطة بهدف منع المحامين و المواطنين من الولوج إليها دون “جواز التلقيح”.
2- تنازل ” القضاة المسؤولين ” عن استقلاليتهم الذي طالما دافع عنها المحامون في منتدياتهم و مؤتمراتهم ،منذ الزمان الذي اصطلح عليه بالجمر و إلى الآن ، و إعلان تبعيتهم للسلطة التنفيذية و قيامهم بتنفيذ تعليماتها .
3- هذه الإجراءات شوشت على المقتضى الدستوري الذي يجعل من القضاء سلطة مستقلة .
و هنا يجدر التذكير بالقرار الفردي الذي نزل على المحامين كالصاعقة في بداية جائحة ” كوفيد 19 ” ،حيث اُقْفِلَت المحاكم و عُطِّلَت الجلسات و اُخٍِرَت الملفات . و من المعلوم أنها إجراءات غير دستورية.
04- مخالفة هذا الإجراء لمقتضيات الفصل 118 من دستور 2011 الذي ينص على ما يلي :
“حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه و عن مصالحه التي يحميها القانون.
كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا ،يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة “.
و كذا المقتضيات الإدارية المتعلقة بالإجراءات الاحترازية بسبب جائحة ” كوفيد 19″
و من تم خلق الغموض و اللبس بين إلزامية ” جواز التلقيح ” و مبدا اختيارية التلقيح .
05- تكريس سلوكيات تمييزية في حق المحامي.
06- التأكيد على أن المحامي يحترم القانون و يدافع على تطبيقه السليم ، و بهذا الخصوص فإن جل المحامين ملقحين و ذلك مساهمة منهم في الوصول إلى المناعة الجماعية و كذلك فلقد ساهموا بدعم مادي محترم مساهمة منهم في المجهود الوطني من أجل القضاء على هذا الوباء الفتاك.
07- إن هذه اللحظات الصعبة تؤرخ لردة حقوقية بامتياز ، تهدف تقييد الحريات بمسميات مختلفة .
و بعد ،
إن المحامي هو تلك المنارة الشامخة التي تضيء بسناها الدروب المظلمة للأمم و الشعوب.
مخطئ من يعتقد أنه و بهذه الإجراءات المقيتة يمكن تدجين المحامي و تطويعه.
و سيظل هذا الأخير تلك الصخرة الصماء التي تتكسر عليها كل محاولات النيل منه.
ثم إن المحكمة هي ” محراب ” المحامي ،يؤدي فيه عباداته التي هي الدفاع عن الحق ، و لن يوقفه أحد عن ممارسة طقوسه.
و دفاعا منه عن حق دستوري يسمح له و للمواطن بولوج مستنير و سلس للمحاكم ، يرفع الآن صوته عاليا و يصيح:
” كفى…!”.