
ذ. عبد المجيد بوزيان
جميل جدا أن تساير منتخباتنا الوطنية التطورات العالمية في مجال كرة القدم، وأن تسجل حضورها مشرفا في الملتقيات الدولية، وجميل أيضا أن تضاهي بنياتنا التحتية في هذا المجال ما هو موجود في الدول ذات التجربة العريقة، من ملاعب بمعايير عالية، وأكاديميات تُخرِّج أجود اللاعبين، وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، والأجمل أن هذه المنشآت شُيِّدت بخبرات مغربية صرفة، ما يؤكد امتلاك بلادنا من الكفاءات والأطر ما يكفي لتطوير هذا القطاع وغيره.
لكن حين نلتفت لقطاع التعليم، نلاحظ بوضوح حجم التراجع الذي يعاني منه، رغم كثرة الاصلاحات التي طُبقت منذ العقد الأول من الاستقلال، إصلاحات كانت مجملها دون المستوى المطلوب، ويرجع ذلك لأسباب سياسية وإدارية واجتماعية وثقافية، اذ تتغير السياسات التعليمية بتغير الحكومات، دون أن تُعتبر هذه الاصلاحات مشاريع مستمرة، بل مجرد شعارات لا تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي. كما يساهم ضعف التمويل العمومي للتعليم، مقارنة بقطاعات أخرى، وغياب علاقة متينة بين المدرسة والمجتمع في تعميق هذا الإخفاق.
أما في قطاع الصحة، فالمشهد أكثر إيلاما، اذ لاتخصص الدولة تمويلا كافيا لتغطية الطلب المتزايد على العلاج المجاني، خصوصا مع ارتفاع عدد السكان وتزايد الأمراض المزمنة، والضغط الكبير على المستشفيات العمومية التي تستقبل أعدادا هائلة من المواطنين، مما يؤدي إلى الإكتظاظ وطول المواعيد، وضعف العناية الفردية. وفي المقابل تعرف العيادات الخاصة ارتفاعا مهولا في تكاليف العلاج، فلا يلجها إلا الميسورون.
وهنا نطرح السؤال: ماذا لو بذل القائمون على تدبير الشأن العام نفس الجهود التي بذلوها لتطوير كرة القدم في بلادنا في قطاعي التعليم والصحة؟ وماذا لو خصصوا لهذه القطاعات الحيوية ميزانيات كالتي رُصدت لكرة القدم، علما أن هذه الأخيرة ليست مؤشرا من مؤشرات التنمية، كما هو الحال بالنسبة للتعليم والصحة؟