مجلس الأمن يتّجه نحو ترسيخ مبادرة الحكم الذاتي المغربية كمرجعية أساسية للحل.

31 أكتوبر 2025
Oplus_131072
  • بقلم: خديجة الشرقاوي – رئيسة مركز ليكسوس للباحثين الشباب- باحثة دكتوراة تكوين الصحافة والإعلام الحديث.
    يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم جلسة حاسمة للتصويت على مشروع قرارٍ جديد بخصوص قضية الصحراء المغربية، في لحظة دولية تتقاطع فيها رهانات السياسة والأمن والاستقرار الإقليمي. ويتجه أنظار المراقبين إلى نيويورك لمعرفة ما إذا كان المجلس سيكرّس رؤية المغرب للحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والنهائي للنزاع الإقليمي المفتعل، أم سيُبقي على لغة الموازنات الدبلوماسية التقليدية.

مشروع القرار الأمريكي: دعم واضح للحكم الذاتي

مشروع القرار المعروض على مجلس الأمن أعدّته الولايات المتحدة الأمريكية بدعم من عدد من الدول الدائمة العضوية، ويؤكد بوضوح على أن خطة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب سنة 2007 هي «الخيار الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق» لحل النزاع، مع الدعوة إلى تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (MINURSO) لفترة إضافية، وفتح أفق تفاوضي جديد بين الأطراف المعنية تحت رعاية الأمم المتحدة.

في المقابل، تعارض الجزائر وجبهة البوليساريو مشروع القرار، معتبرتين أنه يمهّد لتجاوز مبدأ “تقرير المصير”، بينما تؤكد الرباط أن المبادرة المغربية تجسّد هذا المبدأ في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية.

السيناريوهات المحتملة للتصويت
السيناريو الأول: اعتماد القرار كما هو تقريبًا
يعتبر هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا، إذ من المنتظر أن يحصد المشروع ما لا يقل عن تسعة أصوات من أصل خمسة عشر، دون استعمال أي فيتو من الدول الدائمة العضوية.
نتائجه المتوقعة:

يمثل انتصارًا دبلوماسيًا للمغرب ويكرس الاعتراف الدولي المتزايد بجدية مبادرته.

يُضعف موقف البوليساريو ويعيد المفاوضات إلى مسارها الواقعي.

يُعزّز دور بعثة مينورسو كمواكب سياسي أكثر من مجرد مراقب ميداني.

يفتح المجال أمام تصور جديد للنزاع عنوانه: حل سياسي واقعي تحت السيادة المغربية.
السيناريو الثاني: اعتماد القرار مع تعديلات لغوية أو تفاهمات وسطية
قد يتم تمرير القرار بعد إدخال بعض التعديلات الدبلوماسية في الصياغة لتضمين لغة أكثر مرونة حول “حق تقرير المصير” أو “ضرورة استمرار المفاوضات”.
نتائجه المتوقعة:
يسمح لمجلس الأمن بالحفاظ على توازن المواقف دون المساس بجوهر مبادرة الحكم الذاتي.
يمنح المغرب مكسبًا سياسيًا إضافيًا ولو مع بقاء بعض التحفظات.

يشكل خطوة تدريجية نحو الحل النهائي ضمن رؤية تراكمية وواقعية.

السيناريو الثالث: تأجيل التصويت أو استخدام الفيتو (وهو احتمال ضعيف)

يبقى هذا السيناريو بعيد التحقق، لكنه يظل واردًا في حال قررت روسيا أو الصين المطالبة بتأجيل إضافي أو استخدام الفيتو بدعوى “ضرورة التوافق”.
نتائجه المتوقعة:
سيعيد الملف إلى نقطة التجميد، مانحًا جبهة البوليساريو والجزائر متنفسًا مؤقتًا.

سيُعتبر تراجعًا مؤقتًا للمسار الأممي وليس فشلًا نهائيًا، لكنه سيؤخر الاعتراف الدولي الموسّع بالمقترح المغربي.

المؤشرات الدبلوماسية الحالية

تجمع التحليلات الدولية على أن اعتماد القرار في صيغته الأصلية أو المعدّلة هو السيناريو الأكثر واقعية، بالنظر إلى:

الدعم الأمريكي الثابت لمقترح الحكم الذاتي.
المساندة الفرنسية والبريطانية واليابانية داخل مجلس الأمن.
التحرك الدبلوماسي المغربي المكثف خلال الأشهر الأخيرة، الذي عزّز حضور الرباط في إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

في المقابل، تبقى مواقف روسيا والصين محلّ ترقّب، خصوصًا في ظل التوازنات الجيوسياسية الراهنة ورغبة البلدين في عدم الدخول في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة بشأن ملف شمال إفريقيا.
ما الذي يراقبه المغرب عن كثب؟

صياغة النص النهائي: هل ستُدرج عبارة “السيادة المغربية” بشكل صريح؟

مدة تجديد ولاية MINURSO: هل ستكون سنة كاملة أم ستة أشهر فقط؟
الإشارة إلى تقرير المصير: هل ستبقى عامة وفضفاضة، أم ستُستبدل بلغة “الحكم الذاتي الواقعي”؟
ردود الفعل الإقليمية بعد التصويت، خاصة من الجزائر والبوليساريو.

كل المؤشرات حاليا توحي بأن مجلس الأمن يتّجه نحو ترسيخ مبادرة الحكم الذاتي المغربية كمرجعية أساسية للحل، مع الحفاظ على صيغة توافقية لا تُقصي أحدًا. وسيُشكّل اعتماد القرار — بصيغته الأصلية أو المعدلة — انتصارًا جديدًا للدبلوماسية المغربية التي نجحت في ترسيخ منطق الحل السياسي الواقعي، بعيدًا عن مناورات الانفصال ومفاهيم الحرب الباردة التي تجاوزها التاريخ.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading