
– متابعة
صدر حديثا عن دار أكورا بالمغرب (2025) كتاب “البلاغة والبيداغوجيا، تحليل الخطابات في ضوء البلاغة الجديدة” للدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة مولاي اسماعيل مكناس. ويندرج كتاب الغرافي ضمن جهود الدارسين المعاصرين، الذين يسعون إلى تحديث البلاغة العربية وتجديد مناهجها، من خلال محاورة البلاغة العربية القديمة مع الاستفادة من نتائج البلاغة الغربية الجديدة، حيث أسهم التطور الكبير، الذي عرفته علوم الخطاب، في إعادة الاعتبار للبلاغة، حيث اقتنع النقاد والدارسون بضرورة العودة للبلاغة القديمة من أجل التأسيس لنسق بلاغي جديد وحديث. وعلى هذا النحو بات التحليل البلاغي قابلا للتطبيق على كل خطاب غير تجريبي أو برهاني، لأن البلاغة الجديدة ترادف بلاغة الحجاج المستندة إلى الإبستمولوجيا الأرسطية التي تحدد البلاغة بأنها فن الإقناع بالخطاب بجميع الوسائل الممكنة حسب ظروف التواصل وأوضاع التخاطب.
يتناول هذا كتاب “البلاغة والبيداغوجيا” قضية مركزية تتمثل في العلاقة الإشكالية بين المعرفة البلاغية والرهانات البيداغوجية، حيث انصب جهد المؤلف على توضيح مظاهر التفاعل والجدل بين المعرفة البلاغية والممارسة البيداغوجية من خلال المزاوجة بين التنظير المتمثل في محاولة تحديد مفهوم البلاغة تحديد واضحا وكاشفا، وبين التطبيق عن طريق تحليل خطابات متعددة في ضوء الأدوات والإجراءات التي توفرها البلاغة الجديدة.
أبرز الكتاب أهمية تدريس بلاغة الحجاج في المدرسة المغربية بالنظر إلى الفوائد العظيمة التي تعود على التلميذ من اكتساب مهارات المناقشة الحجاجية، ذلك أن تمرس التلميذ بقواعد وإجراءات المحاورة الحجاجية، يكسبه الكفاية الإقناعية التي يحتاجها في الأوضاع التواصلية المختلفة التي يواجهها في الحياة العمومية، مما يؤهله لأن يصبح عضوا فعالا في الحياة الاجتماعية، لأن بلاغة الحجاج تجعل التلميذ يؤمن بشرعية الاختلاف وقيم الديمقراطية والحوار نبذ العنف.
يتوخى الكتاب تحقيق غاية محددة، تتمثل في إكساب الطلاب وعموم الباحثين مهارة تحليل النصوص والخطابات باستثمار الإجراءات والتقنيات التي توفرها البلاغة الجديدة. ولأجل ذلك انصب جهد المؤلف على تحليل طائفة من الخطابات المتغايرة من حيث الانتماء الأجناسي، أراد لها أن تكون نماذج يسترشد بها المحلل البلاغي، بما يؤدي إلى امتلاك الكفايات اللازمة لتحليل نصوص وخطابات، أدبية وغير أدبية، تنتمي إلى أشكال تعبيرية مختلفة ومتنوعة من حيث الأشكال والصيغ والأنواع والأنماط.
والدكتور مصطفى الغرافي، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس. ولد بمدينة القصر الكبير المغربية، وحصل على دبلوم مدرسة المعلمين عام 2000م، وعلى الإجازة في الأدب الحديث عام 2003م، وعلى دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المناهج النقدية الحديثة عام 2005م، وعلى دبلوم المدرسة العليا للأساتذة عام 2007م، وعلى الدكتوراه في البلاغة وتحليل الخطاب عام 2012م، وعلى شهادة التأهيل الجامعي عام 2019م. وهو عضو في هيئة تحرير مجلة البلاغة والنقد الأدبي المحكمة في المغرب، وفي هيئة تحرير مجلة جيل الدراسات الفكرية والأدبية المحكمة بلبنان، وفي الهيئة العلمية لمجلة وجهات المحكمة التي تصدر عن مؤسسة مليطان للبحوث والدراسات والإنماء الثقافي في ليبيا، وعضو بلجنة التحكيم في مجلة رؤى الليبية، وفي لجنة التحكيم بمجلة المعيار المحكمة في المركز الجامعي تيسمسيلت بالجزائر، وعضو الهيئة العلمية لمجلة والقلم بالعراق، وعضو اللجنة العلمية للمجلة الدولية الإبراهيمي للآداب والعلوم الإنسانية بالجزائر.
من أبرز مؤلفات الدكتور مصطفى الغرافي كتاب “البلاغة والإيديولوجيا” (2016) “البلاغة الجديدة في الخطاب البلاغي الحديث” (2024) و”بلاغة التأويل” (2024).