الثقافة والفن راهنا ورهانا ( مدينة القصر الكبير نموذجا )

19 يوليو 2025

بقلم الأستاذ : عبد الحميد الزفري .

إن أي تحليل لقضية ما يمثل وجهة نظر صاحبها ، وهي رؤية نسبية لا
تمثل حقيقة مطلقة. لذا فالتساؤل حولها مهما كانت الأجوبة مرفوضة
من الجانب المعارض، إلا أ أنها تطرح شرعية الاختلاف التي يجب تبنيها كشرط ضروري للحوار المتسلح بالقوة الحجاجية الإقناعية .
من هنا كانت الأسئلة وحدها تستمر أما الأحوبة فتضيع بين تضاعيف الزمن، سرعان ما يبتلعها النسيان فتصبح في خبر كان باستثناء البعض الذي لا يبوء بالخسران، لأنه يكون سابقا لأوانه.
على هذا الأساس يلزم ايلاء الاهتمام لكل صوت أقدم على أمر بالغ الأهمية في تعاطيه مع ظاهرة ما محاولة منه إضاءة بعض الجوانب بعدما انفضحت لديه هشاشتها ، باحثا عن الرؤية الصافية الأكثر عمقا ، تكون مخلخلة للجاهز بعيون مغايرة تتحاشى النفاق
الاجتماعي من أجل تصريف قيم الذوق والجمال التي يجب أن تلاحق إنسانية الإنسان في جميع متغيراتها بعيدا عن الطارئ والعابر المناسباتي الذي يتحول إلى هشيم تذروه الرياح.

إن الجوهر الجمالي لأي ملتقى ثقافي أو فني حتي يكتسي مذاقا خاصا عليه أن يكون متعارضا كليا مع إنجازات تستكين للنمطية والاجترار لا تتغير فيها الوجوه. حينها لا يعود قادرا على اقتحام المفاجئ المدهش ولا المنسي الذي هو أولى بالوفاء له ولروائعه الفنية إن كان ملحنا ، أو لإبداعاته الأدبية إن كان شاعرا أو كاتبا ، أو لقطعه الفنية إن كان رساما أو نحاتا … أو الانفتاح على الحالم بمراجعة
الشأن الثقافي والفني.
تظاهراتنا في نسخها المتكررة إذا ظلت بكماء عمياء من غير رحابة صدر لما من شأنه أن ينير الطريق للقائمين عليها ستظل تائهة أمام إكراهات السياسة ومقتها اللا أخلاقي ومبرراتها الهشة يكذبها الواقع ( دار الثقافة ) المحالة على المعاش رغم ما قيل عنها من قبل أصوات غيورة مؤمنة بالدور الفعال في البناء الحضاري: أخلاقيا وثقافيا وذوقيا، لم تحرك ساكنا لدى المنزوين في ركن مريح وكأنه لا يهمهم
الأمر عملا بالمثل القائل ( إذا كثرت المخاويف ازدادت الأراجيف )
ما قراءتنا لهذه المجريات في مدينتنا التي أضحت أكثر حيادا في السنين الأخيرة عن الطريق الجاد إلا محاولة للكشف عن منطق البناء الداخلي الذي يوهم الآخرين بأنه يخدم المدينة في الترحيب والترفيه والتصفيق لمن يتم جلبهم وأخذ صور معهم إلا لأنهم يمثلون أسماء معروفة، الله أعلم اختيرت عن عمد أو دون قصد.
نحن لا نصادر أو نقصي أحدا ، وهو ملزم ألا يزايد علينا في حب المدينة أو يتهمنا بالجلوس في المقاهي لا شغل لدينا سوى تصيد هفوات الاخرين غير دار بما يروج في مجالسنا الأدبية ولا داعي لتفصيل الحديث في هذا الشأن، وللمتشكك في هذا الأمر نقول له
بصريح العبارة وبقلب شفاف ونية صادقة – إن كذب هذا فذاك شأن
يعنيه وحده – إننا نتبني رؤية شمولية، مؤمنين بكونها ستقود لا محالة
إلى إعادة بناء قصدية جديدة لهذه التظاهرات وفق مقتضيات تفسح
المجال لباقي الفعاليات الثقافية والفنية والإعلامية النشطة حتى تدلي

بدلوها إيمانا منها بروح العمل الجماعي الذي تسوده شرعية الاختلاف، ويتم من خلاله الترشيد المعقلن للمال العام الذي يغلفه ضباب كثيف عند تفعيل جميع الأنشطة بصورة سليمة وشفافة عوض أن تستغرق سويعات للساكنة تلوح ، ثم إلى الأبد بعدها تروح
هي تصورات لما يمكن أن تكون عليه إنجازاتها ، لا ندعي امتلاك حلول لمشاكلها المتناسلة كلها بينما الحل لها في اشراك جميع الفعاليات.
هدفنا فحسب تعميق الغاية المأمولة من هذا النشاط أو ذاك، أخذين في الاعتبار كونه لا كحضور موهوم أو تملك معلوم بل كرافعة للرقي
الحضاري تسهم في تهذيب النفوس أخلاقيا ، وترقى بالعقول معرفيا ،
وبالأرواح ذوقيا أي كفاعلة في دورة التاريخ، ترتسم على قلوبنا أحاسيس وتوشم على صفحات عقولنا صورا للذكرى، تسلم لجيل بعد جيل ( زيارة نزار قباني للمدينة كنموذج )…

نحن في كل هذا لا نزعم أننا حماة الفن والثقافة في هذه المدينة التي كانت ذات بهاء وعطاء، لا نكيل للآخرين الطعون فنضرب على جهودهم حجابا أونسدل عليها ستارا. لكن هذا لا يمنع من الاعتراف أن ما يحدث في تظاهراتنا بوجه عام من فداحة طابعها الموسمي المحدود لا بد لتذويبه من أن نجعل حراكنا الثقافي والفني كما يحصل في كثير من المدن المغربية خلال مهرجاناتها أن تكون ذات منحى استشرافي منفتح على الآني والآتي ،والممكن والتواق دوما إلى كل جديد
ومتجدد، تتحرك معه كثير من القطاعات التي قد تسهم في خدمة
المدينة.
مهما يكن فعلينا أن تعلمنا سيرورة الزمن وصيرورته كيفية الغوص
واستخراج الجميل من هذه المدينة والأفيد :
كالبحر يرسب فيه لؤلؤه = سفلا، وتطفو فوقه جيفه.

عموما لا بد لنا من هذه الوقفات البعيدة عن الإطراء المجاني
والتعليقات الرخيصة والتشنجات البذيئة في الوقت الذي نحس في
الحاجة إلى ما يمكننا من تخصيب أوضاعنا الثقافية والفنية السقيمة في أغابها بالنقد البناء لإثرائها بدماء جديدة، لا تنتهي إلى تبني موقف ينتصر لهذا الجانب ويقصي الجانب الآخر، بل بغية تحقيق نموذج متغير ومتطور بكامل ممكناته، يتجدد بتجدد لحظته التاريخية نصون به فعلنا الثقافي والفني الذي لن ينجح إلا إذا طرحنا عنا معرة الغرور والهوى.

فالطريق طويل والبحر عميق، وجب التخلي عن الأنا المريضة والتحلي
بما يمكن أن يقوي الإنسان في حضرة الآخرين، تجذيفا بعين الإبصار القلبي والإدراك العقلي حتى نشكل البناء المرجوة الدافع إلى الآثار الجادة المكتسبة ذات الأبعاد الثقافية والفنية السليمة، تينع تدريجيا في خضم المسار عند تصحيحه وتوسع من دوائر وجوده يقينا شر الثقافة المنافقة والفن وموبقاته المادية الذليلة.
عفوا الكاريكاتوري الفلسطيني ناجي العلي استعارة ما وهبته
حياتك
قالها حنظلة ومضى =

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading