ضحالة الخطاب السياسي .

12 يوليو 2025
Oplus_131072

– ذ . ادريس حيدر :

لقد تتبع المهتمون بغير قليل من الذهول ، و بصدمة كبيرة ، الخطابات السياسية التي تحوي ألفاظا بذيئة ، و الملقاة من طرف مسؤولين سياسيين و قادة أحزاب و محترفين للفعل السياسي ، بمناسبات عدة .
و من المعلوم ، أن الخطاب السياسي بأشكاله المتنوعة و المختلفة ، و الذي يُسْتَخْدَمُ من طرف الأفراد أو الجماعات أو الأحزاب السياسية ، يكون عادة الهدف منه : الحصول على سلطة معينة عند حدوث أي صراع أو خلاف سياسي .
و هو في نفس الآن وسيلة تواصل ، يستعمل في الحقل السياسي للتأثير على الرأي العام ، و اكتساب السلطة ، و تصريف مواقف في القضايا السياسية و الاجتماعية المطروحة .
و يهتم الخطاب السياسي بالتعبير عن أفكار أو مواقف سياسية ، للتأثير على الفئات المستهدفة ، و عادة ما يرتبط هذا النوع من الخطابات بوجود أحداث معينة ، كالانتخابات النيابية أو البلدية…الخ .
و قد شهدت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، خطابات سياسية غنية فكريا و نظريا ، و مقنعة بشكل مطلق .
و كانت تتميز بالعقلانية ، و التناغم ، و السلاسة ، و حاملة لرسائل سياسية محددة .
و قد تألق كثير من قادة الدول ، في خطاباتهم السياسية ، و على سبيل المثال لا الحصر : ديغول ، تشرشل ، كاسترو ، عبد الناصر ، ماو ، سيكوتوري …الخ ،
و كذا قادة الأحزاب و الحركات الاجتماعية : لينين ، دولوريس إيبروري ( باسيوناريا ) ، علال الفاسي ، الأموي ، ليش فاليسا …الخ .
كانت خطاباتهم نوعية و رفيعة و تحوي غير قليل من النبل السياسي .
و في هذا الإطار ، فإن ما تشهده الساحة السياسية المغربية بهذا الخصوص ، عبارة عن تراكيب لغوية غير متجانسة ، و تفتقد للمنهجية ، أو لخط ناظم ، بمعنى غير متناسقة ، و تتضمن سبا و شتما و إهانة في حق الغرماء السياسيين .
فقد وصف رئيس حكومة سابق ، رئيسها الحالي ب ” الشفار” أي ” اللص” ، كما وصف خصما سياسيا آخر ب ” الحمار” ، و في المقابل ، كان هذا الأخير قد وصفه هو الآخر ، ب” الذئب الشارف ” أي ” العجوز” ، و بعض الإعلاميين ب ” الشكامة ” أي ” الواشين ” و ” النكافات” ، كما وصف أحد رؤساء الدول الكبرى و الحليفة ب ” المذلول ” …الخ .
و إذن ، هل بهذه الصيغ ، يمكن أن نُغْنِي َ الحقل السياسي بخطابات جيدة ، مُؤَطِّرَةً للجماهير ، و مُسَاهِمَةً في نشر الوعي ، و مُحَرِّضَةً على استعمال العقل ، و ترنو إلى تحقيق أهداف سامية .
إن خطابات من هذا النوع الرديء ، تُحَرِّضُ على الكراهية ، و تُكرِّسُ العُدوانية ، و تُناهض حرية التعبير و الحق في الاختلاف .
إنها خطابات شعبوية ضحلة ، هدفها التضبيع و التهييج و التحقير و نشر التفاهة و الابتعاد عن الممارسات الفضلى.
فإلى متى ، يا ترى ، ستظل تطالعنا هذه التفاهات في الخطابات السياسية ؟
و هل بمثلها ستساهم هذه الجهات في تأطير المجتمع ؟
يقينا ، أن هذا النوع من الخطابات ، يُفرغُ العمل السياسي النبيل، من محتواه .
فكفى ، إذن ، من هذه الضحالة و العبث !!!.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading