بقلم : عثمان بعاج .
استثمروا وقت “مطاردة الساحرات” في تعلم السحر يا أبناء الناس.
عن التيه والارتجال والتباهي الفارغ أتحدث..
عن الإيمان الجاد بـ”التكوين المستمر” والرغبة الحارقة في التطور أتحدث كذلك..
(عثمان بعاج | تأملات)
ثورات تحدث في الإعلام العالمي في صمت (NLP & Story Mining، Named Entity Recognition – NER، Sentiment Analysis…)، في وقت تعيش فيه الصحافة في الدول المتخلفة (من بينها بلدي المغرب) حالة من التيه والارتجال والتباهي بالفقر الرقمي والتحول إلى “أخ أكبر” يراقب بعينيه الكبيرة مستخدمي شات جي بي تي.
يا له من بؤس!
ليست المشكلة في غياب الأدوات، بل في غياب الإنسان الحر والمتحرر، ذلك الحالم الذي يرى في أدوات الذكاء الاصطناعي جنيا خارق الذكاء يحول الأحلام إلى حقيقة.. حقا هو كذلك، إذا تعلمنا استعمال هذا السحر.
فيديوهات ونصوص خالية من العمق، مركبة بشكل مبتذل، تفتقر للسرد والتشويق، وللرسائل المؤثرة. عناوين صاخبة، وصور متحركة تبهر البصر، لكن لا شيء يخاطب الوجدان أو يحفز الفكر وكأن الذكاء الاصطناعي تحول إلى لعبة ترفيهية، لا أداة تطوير لحياة ونشاط البشر.
السبب؟
أولا: “الفيل في الغرفة”، غياب الخلفية والتكوين التقني لدى عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، ثانيا: الافتقار للأساسيات في التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ثالثا: غياب الإيمان العميق والجدي بـ”التكوين المستمر” والرغبة الحارقة في التطور.
(عقلية المشاركة في الورشات التدريبية من أجل الحصول على الشهادة فقط ولتذهب المعرفة والمهارات إلى الجحيم – من بين الأشياء التي كانت تثير غضبي في عدد من الورشات التي أطرتها)
لكن الأهم من ذلك، هو غياب الخلفية الوجدانية، ذلك الإحساس بالإنسان، بالقصة، بالمعنى، وخلق الفضول… وهو ما يصنع الفرق بين “المحتوى” و”الإعلام”.
(أنت إنسان وتنتج من أجل الإنسان)
تحليل البيانات، لرصد الاتجاهات وفهم ما يقع من حولنا وإيصاله وشرحه بطرق أكثر إبداعا… لصناعة محتوى يوازن بين السرعة والجودة، هذا ما يعد به استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي في الصحافة (ما يجب أن يكون)
(ما هو كائن) فجوة بين الإبداع وهذه الأدوات، مهما بلغت من التطور، تبقى بلا معنى إن لم تُوضع بين أيدي صناع حقيقيين. ما أراه الآن، هو انفصال خطير بين التكنولوجيا والخيال، بين الآلة والروح.
غياب التدريب الفني، والوعي الجمالي، والقدرة على بناء قصص إنسانية حقيقية يجعل من الذكاء الاصطناعي وسيلة لإنتاج مزيد من الرداءة (هنا لا أتحدث عن التفاهة!)