ذ . ادريس حيدر :
كان ” مهاجر” طفلا نحيفا ، بأطراف من جسمه كبيرة ، خاصة يديه و رجليه .ذو شفتين غليظتين و ممتلئتين ، تنحنيان نحو اسفل وجهه ، و حاجبين صغيرين و مائلين ، مما كان يترك الانطباع لدى الغير ، بأن الفتى “بليد”.
كان يتيم الأم ، فيما أبوه ” عمر ” كان قد رحل من أحواز مدينة ” مراكش” في اتجاه شمال البلاد ، لأن كثيرا من رجال دواره ، كانوا قد التحقوا بالجيش الإسباني ، و من بينهم أخوه ” إبراهيم” ، الذي استدعاه للعيش معه و البحث عن فرصة للشغل و ضمان قوته .
أنجبت له زوجته ” مليكة” التي رافقته ، من مسقط رأسيهما و صاحبته للاستقرار معه ، حيث استقر اختياره ، طفلا سُمِّيَ ب” مهاجر” تيمنا بأحد الأولياء الصالحين بمسقط رأس أبيه ” عمر”.
كان هذا الأخير رجلا فظا ، قاسيا و شرسا مع الغير و خاصة مع ابنه ” مهاجر” ، و ازدادت شراسته معه ، عندما توفيت أمه ” مليكة” التي أصيبت بمرض نادر لم ينفع معه علاج ، و تزوج بإحدى البدويات و التي كانت تقطن دوارا مجاورا للمدينة ، و كانت قد أنجبت له 5 أطفال
كانت زوجة أب ” مهاجر ” تعامل ربيبها هي الأخرى بكثير من القساوة و العنف و الكراهية و الاحتقار .
فلا يأكل إلا ما فَضُلَ عن أبنائها ، و إذا ما تأخر خارج البيت ، بات جائعا من دون أكل .
كانت تنهره و لا تعتني به و تعامله بازدراء كبير و تعبئ أباه ضده ، مدعية و زاعمة ، أن ابنه ” مهاجر” لا يهتم بدراسته ، و يقضي وقته بالشوارع و لا يلتحق بالمدرسة ، كما أنه لا يساعدها بالصخرة و غيرها .
الشيء الذي كان يؤلب الأب ” عمر” ضد ابنه و يضيقه العذاب الشديد ، و أحيانا كان يقضي الليل معلقا إلى سقف المنزل كالكبش المذبوح في عيد الأضحى .
يتبع …