الباقي استخلاصه : الحقيقة أولى من التمويه

24 مايو 2025

– بقلم رشيد الصبار :

تابعت ، كما تابع الكثير من أبناء القصر الكبير ، الخرجة الفيسبوكية للزميل مصطفى الحاجي دجاج حجي ، والتي اختار من خلالها أن يحرف النقاش الجاد حول “الباقي استخلاصه” إلى محاولة فجة لإثارة البلبلة والإيقاع بيني وبين تجار المدينة الشرفاء .

لكن ما لا يخفى على المتتبعين للشأن المحلي ، هو أن هذه الخرجة لم تكن عفوية ، بل جاءت بطلب مباشر من رئيس الجماعة ، الذي وجد نفسه عاجزا عن مواجهة المعارضة بالحجج والأرقام ، فلجأ إلى الدفع ببعض الأصوات لتأدية دور هجومي بالنيابة عنه ، خارج المؤسسات ، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي .

ولأننا نؤمن أن الشفافية واجب ، وأن من حق المواطن أن يعرف أين تذهب أمواله ، فإن إثارة موضوع “الباقي استخلاصه” لا يمكن ، بأي حال من الأحوال ، أن يفهم على أنه تحريض على التجار بل هو تساؤل مشروع حول مصير عشرات الملايين من الدراهم التي لم تستخلص ، والتي كان بالإمكان أن تساهم في تحسين البنية التحتية ، والنهوض بالمرافق العمومية ، وتحقيق العدالة المجالية داخل المدينة .
لكن المستغرب فعلا ، هو أن الزميل مصطفى الحاجي اختزل “الباقي استخلاصه” فقط في مداخيل الأكرية ، في حين أن هذا البند يشمل مجموعة واسعة من الضرائب والرسوم ، من بينها الرسم المهني ، والرسم على الأراضي العارية ، والرسم الحضري ، وغيرها كثير لا يتسع المجال لذكرها . التركيز فقط على “الأكرية” محاولة مكشوفة لتوجيه الرأي العام ، وتغليط المواطنين ، خصوصا وأن عدد المحلات المكتراة كبير ، مما يسهل استعماله انتخابويا واستغلاله للتحريض على شخصنا .
والحقيقة التي يتجاهلها الزميل الحاجي ، أن أغلب عقود الأكرية التي تربط الجماعة بالتجار لا تتجاوز سومتها الكرائية 100 درهم شهريا ، في حين أن عددا كبيرا من هؤلاء المتعاقدين أبرموا عقود تسيير مع أطراف ثالثة ، وهي في الواقع عقود كراء من الباطن ممنوعة قانونا لأنها تمثل تصرفا غير مشروع في أملاك الجماعة . وتصل هذه العقود في كثير من الأحيان إلى 3000 أو 4000 درهم شهريا ، تستخلص لصالح الخواص ، بينما تظل الجماعة محرومة من حقوقها القانونية المشروعة .
إننا لا نستهدف أحدا، ولكننا ننتصر لمبدأ العدالة الجبائية ، ولنص دستوري صريح يؤكد أن جميع المواطنات والمواطنين متساوون أمام القانون في علاقتهم بالإدارة. ومن واجب رئيس الجماعة ، بل من صميم اختصاصه ، أن يسهر على تحصيل حقوق الجماعة ، لا أن يتغاضى عنها أو يوظفها في حسابات انتخابية ضيقة .
ثم كيف يمكن أن نتحدث عن فائض مالي ونحن نعلم أن هذا الفائض لم يأت نتيجة تدبير محلي محكم أو ترشيد نفقات أو تنمية الموارد الذاتية ، بل ببساطة لأن وزارة الداخلية زادت في حصة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) لكل الجماعات الترابية بالمغرب ، وهو ما يعني أن هذا “الفائض” مجرد انعكاس لتحويل مركزي ، لا نتيجة أداء محلي استثنائي .
ثم كيف نتحدث عن الفائض ، وفواتير الإنارة العمومية انخفضت بأكثر من 5 مليون درهم لأن المدينة غارقة في الظلام ؟ هل يُعتبر ذلك إنجازاً ؟
كيف نتحدث عن الفائض والمدينة بلا مساحات خضراء ، ولا حتى قسم صحي بسيط تابع للجماعة ؟
كيف نتحدث عن الفائض والجماعة لا تملك ولو غراما واحدا من المواد المخصصة لمحاربة الحشرات ، الزواحف ، أو الجرذان ، في وقت تتكاثر فيه الشكايات من مختلف الأحياء ؟
إن الفائض الذي يفتخر به، يجب أن يكون له أثر مباشر وملموس في حياة المواطن ، لا أن يتحول إلى مجرد رقم مالي يُستعمل سياسياً للتلميع والتغطية على أعطاب التسيير المحلي .
ندعو الزملاء في الأغلبية إلى التحلي بالجرأة لمواجهة الأرقام، لا لمهاجمة أصحابها. فالمساءلة ليست جريمة ، بل ركيزة من ركائز التدبير الديمقراطي السليم .
#وختاما ،
إذا كان رئيس الجماعة يعتقد أن إطلاق التدوينات وتجييش الأبواق قادر على حجب الحقائق أو التستر على أوجه القصور ، فنحن ندعوه كمعارضة و بكل وضوح وصراحة إلى مناظرة علنية ، مفتوحة أمام الرأي العام ووسائل الإعلام ، نطرح فيها بالأرقام والوثائق ما يثبت صواب مواقفنا ، ويواجه هو من خلالها ، إن استطاع ، تساؤلات الشارع القصري التي تزداد كل يوم .

فمن يثق في قراراته ، لا يخاف المواجهة . ومن يدعي امتلاك الحقيقة ، فليصعد إلى منصة المناظرة .
أما الاختباء وراء التدوينات والتحريض ، فلن يزيدنا إلا إصرارا على كشف المستور ، والدفاع عن المال العام بكل الوسائل المشروعة .
وااا السيمو كون راجل و اجي نتناظرو و كفى اختباء وراء الدوجاجي .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading