– بقلم رشيد الصبار :
تابعت ، كما تابع الكثير من أبناء القصر الكبير ، الخرجة الفيسبوكية للزميل مصطفى الحاجي دجاج حجي ، والتي اختار من خلالها أن يحرف النقاش الجاد حول “الباقي استخلاصه” إلى محاولة فجة لإثارة البلبلة والإيقاع بيني وبين تجار المدينة الشرفاء .
لكن ما لا يخفى على المتتبعين للشأن المحلي ، هو أن هذه الخرجة لم تكن عفوية ، بل جاءت بطلب مباشر من رئيس الجماعة ، الذي وجد نفسه عاجزا عن مواجهة المعارضة بالحجج والأرقام ، فلجأ إلى الدفع ببعض الأصوات لتأدية دور هجومي بالنيابة عنه ، خارج المؤسسات ، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي .
ولأننا نؤمن أن الشفافية واجب ، وأن من حق المواطن أن يعرف أين تذهب أمواله ، فإن إثارة موضوع “الباقي استخلاصه” لا يمكن ، بأي حال من الأحوال ، أن يفهم على أنه تحريض على التجار بل هو تساؤل مشروع حول مصير عشرات الملايين من الدراهم التي لم تستخلص ، والتي كان بالإمكان أن تساهم في تحسين البنية التحتية ، والنهوض بالمرافق العمومية ، وتحقيق العدالة المجالية داخل المدينة .
لكن المستغرب فعلا ، هو أن الزميل مصطفى الحاجي اختزل “الباقي استخلاصه” فقط في مداخيل الأكرية ، في حين أن هذا البند يشمل مجموعة واسعة من الضرائب والرسوم ، من بينها الرسم المهني ، والرسم على الأراضي العارية ، والرسم الحضري ، وغيرها كثير لا يتسع المجال لذكرها . التركيز فقط على “الأكرية” محاولة مكشوفة لتوجيه الرأي العام ، وتغليط المواطنين ، خصوصا وأن عدد المحلات المكتراة كبير ، مما يسهل استعماله انتخابويا واستغلاله للتحريض على شخصنا .
والحقيقة التي يتجاهلها الزميل الحاجي ، أن أغلب عقود الأكرية التي تربط الجماعة بالتجار لا تتجاوز سومتها الكرائية 100 درهم شهريا ، في حين أن عددا كبيرا من هؤلاء المتعاقدين أبرموا عقود تسيير مع أطراف ثالثة ، وهي في الواقع عقود كراء من الباطن ممنوعة قانونا لأنها تمثل تصرفا غير مشروع في أملاك الجماعة . وتصل هذه العقود في كثير من الأحيان إلى 3000 أو 4000 درهم شهريا ، تستخلص لصالح الخواص ، بينما تظل الجماعة محرومة من حقوقها القانونية المشروعة .
إننا لا نستهدف أحدا، ولكننا ننتصر لمبدأ العدالة الجبائية ، ولنص دستوري صريح يؤكد أن جميع المواطنات والمواطنين متساوون أمام القانون في علاقتهم بالإدارة. ومن واجب رئيس الجماعة ، بل من صميم اختصاصه ، أن يسهر على تحصيل حقوق الجماعة ، لا أن يتغاضى عنها أو يوظفها في حسابات انتخابية ضيقة .
ثم كيف يمكن أن نتحدث عن فائض مالي ونحن نعلم أن هذا الفائض لم يأت نتيجة تدبير محلي محكم أو ترشيد نفقات أو تنمية الموارد الذاتية ، بل ببساطة لأن وزارة الداخلية زادت في حصة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) لكل الجماعات الترابية بالمغرب ، وهو ما يعني أن هذا “الفائض” مجرد انعكاس لتحويل مركزي ، لا نتيجة أداء محلي استثنائي .
ثم كيف نتحدث عن الفائض ، وفواتير الإنارة العمومية انخفضت بأكثر من 5 مليون درهم لأن المدينة غارقة في الظلام ؟ هل يُعتبر ذلك إنجازاً ؟
كيف نتحدث عن الفائض والمدينة بلا مساحات خضراء ، ولا حتى قسم صحي بسيط تابع للجماعة ؟
كيف نتحدث عن الفائض والجماعة لا تملك ولو غراما واحدا من المواد المخصصة لمحاربة الحشرات ، الزواحف ، أو الجرذان ، في وقت تتكاثر فيه الشكايات من مختلف الأحياء ؟
إن الفائض الذي يفتخر به، يجب أن يكون له أثر مباشر وملموس في حياة المواطن ، لا أن يتحول إلى مجرد رقم مالي يُستعمل سياسياً للتلميع والتغطية على أعطاب التسيير المحلي .
ندعو الزملاء في الأغلبية إلى التحلي بالجرأة لمواجهة الأرقام، لا لمهاجمة أصحابها. فالمساءلة ليست جريمة ، بل ركيزة من ركائز التدبير الديمقراطي السليم .
#وختاما ،
إذا كان رئيس الجماعة يعتقد أن إطلاق التدوينات وتجييش الأبواق قادر على حجب الحقائق أو التستر على أوجه القصور ، فنحن ندعوه كمعارضة و بكل وضوح وصراحة إلى مناظرة علنية ، مفتوحة أمام الرأي العام ووسائل الإعلام ، نطرح فيها بالأرقام والوثائق ما يثبت صواب مواقفنا ، ويواجه هو من خلالها ، إن استطاع ، تساؤلات الشارع القصري التي تزداد كل يوم .
فمن يثق في قراراته ، لا يخاف المواجهة . ومن يدعي امتلاك الحقيقة ، فليصعد إلى منصة المناظرة .
أما الاختباء وراء التدوينات والتحريض ، فلن يزيدنا إلا إصرارا على كشف المستور ، والدفاع عن المال العام بكل الوسائل المشروعة .
وااا السيمو كون راجل و اجي نتناظرو و كفى اختباء وراء الدوجاجي .