
ذ. الزكري عبد الرؤوف
عبر مختلف الإصلاحات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين، ظل الثابت فيها أن: الأستاذ سيد قسمه. طبعا في الإطار الذي تحدده التشريعات المعتمدة، والنموذج البيداغوجي المعمول به. فطالما تردد على مسامع المدرسين أن البرنامج والمقرر ليس قرآنا منزلا، وإنما هو أرضية موجهة، يمكن تجاوزها وإدخال تغييرات عليها إذا ما رأى الأستاذ داعيا لذلك، مع التبرير التربوي والبيداغوجي المقنع، لأن ” الحقيقة هي المعيشة” كما يقول بول ريكور. فالفصل الدراسي وجماعته لها إيقاعاتها وملابساتها، قد تفاجئ الممارس، ولا يمكن التنبؤ بإفرازاتها بالضرورة. وهنا تبرز المهننة التي يتمتع بها الأستاذ، بتمكنه من المهارات لقيادة متعلميه نحو الأهداف المنشودة بكفاءة، وتجاوز التحديات الناتجة عن المواقف الخاصة التي تنتجها العملية التعلمية التعليمية، وهي تُبنى بالتكوين أولا، وبالخبرة والتجربة ثانيا.
لكن المدرسة الجديدة التي يتم الترويج لها، جعلت من المدرس مجرد منفذ لتعليمات تسقط عليه رأسا، تحدد كل شيء داخل الفصل في ادق تفاصيله، انطلاقا من شكل الجلسة وموضع المكتب، وما يجب وما لايجب أن يتضمه الفصل من محتويات. الشيء الذي شل قدرته على الفعل في غياب التعليمات الممركزة وللجميع، خلافا للقاعدة البيداغوجية: ” ليس هناك بيداغوجية يمكن اعتمادها للجميع وفي جميع الوضعيات” (جون هارتي).مما انعكس سلبا على الأداء المهني للأستاذ، وتقزيم دوره، وقتل حس الابتكار لديه، ويُنقل هذا بالعدوى إلى متعلميه، ف ” فاقد الشيء لا يعطيه”.