
حلقات اعدتها : أمينة بنونة
حلقات رمضان وكتاب : رحلة في الفكر والتأمل
الفلسفة السياسية النسوية سؤال السيادة والكونية في فكر سيلا بنحبيب
من تأليف :د عزيز الهلالي
أما نظرية كوير()(Queer)، فهي نظرية في الشذوذ الجنساني. وحرفيا تعني”الغريب” أو “الخارج عن المألوف” أو مهووس أوغير مألوف أو الشاذ أو شخص يسلك سلوكا غير مقبول اجتماعيا، بعد ذلك بدأ المصطلح في كسب دلالة الإنحراف الجنسي واستخدم لتحقير وإساءة الأقلية الجنسانية .في أواخر الثمانينات نُزع عن مصطلح كوير مضمونه الاحتقاري، وبات يوحي إلى هويات جنسانية طبيعية وإيجابية. وقد ساهم في تكريس هذه الصورة منظمة تدعى “أحرار الجنس” التي جابت شوارع نيويورك في مسيرة فخر المثليين سنة 1990. ومن داخل هذه الرؤية الغرائبية للذات والهوية، توجه نظرية كوير نقدا سياسيا شديدا لمفهوم “السوي” أو مفهوم “الهبة الطبيعية الربانية”. وتتطلع نظرية كوير، من خلال هذا النقد، إلى ” صياغة هوية سياسة جديدة “.
ولقد ظهرت نظرية كوير في أواخر سنة 1980 بشمال أمريكا. وتعتبر تريزا لوريتز() ( Teresa de Lauretis) أول من أطلقت عبارة “نظرية كوير” كان ذلك سنة 1990. وارتبطت النظرية بأعمال إيف كوسوفسكي سيدويك ()( Eve Kosofsky Sedwick) ويوديت باتلروأنانري ياكوز() ( Annanarie Jagose ) و ديفيد هالبغان(*)( David Halperin)… والهاجس الإشكالي الذي تنطلق منه نظرية كوير هو كالتالي: هل الهوية الجنسانية أو النظام الاجتماعي للذات سلوك ثابت أم أنه بناء اجتماعي متغير؟
وبالرغم من وحدة الإشكال، فإن نظرية كوير لا تنتمي إلى مدرسة فكرية ذات توجه خاص، سواء على المستوى المنهجي أو النسقي أو التصوري.إنها عبارة عن وجهات نظر لمثقفين ونقاد يقدمون قراءات عن “رغبة المثلي في النصوص الأدبية والأفلام والموسيقى والصور وفي تحليل علاقة السلطة السياسية والاجتماعية بالجنسانية”. وبهذا المنحى، تتوجه نظرية كوير نحو تفكيك الأنساق المغلقة للغيرية الجنسية وللمقولات الثقافية والاجتماعية ومفهوم الهوية المركزية.وهي تقوم بذلك، فمن أجل إعادة إدماج هويات غير “متناغمة بيولوجيا”،مثل: السحاقيات والمثليين وثنائي الجنس ومتحولي الجنس والخنثى…في كونية سياسية وثقافية تمدهم بالفخر والاعتزاز وبالإنصاف والمساواة والاحترام المتبادل…كما ترفع عنهم النظرة الاحتقارية المجتمعية التي تتلخص في كون “الرغبة الشاذة” قذارة اجتماعية وانحطاط أخلاقي وحالة مرضية.
ومن أهم الانتقادات الموجهة إلى نظرية كوير، كونها غامضة ولا تنضبط لأي تحليل دقيق.ففي إطار نظرية كوير “ليس هناك شيء خاص يستدعي بالضرورة الإحالة إليه”.
تشير سيدويك في آخر حوار لها، أن كوير تفتقر إلى تحديد العلاقة التواصلية بين النظر إلى الذات وبين نظر الآخر إلى هذه الذات.وهذه الوضعية المرتبكة تسميها سيدويك “دراما الاختلاف”، لأنها تقوم على الوصف والتحديد الذاتي بمعزل عن تدخل الآخر.ومن ثمة، فإن كوير تلعب دور “الإثارة أكثر منه دور النظرية بالمعنى الدقيق للكلمة”.