
بقلم : ذ . ادريس حيدر
كلما حل شهر رمضان ، إلا و ارتدت ذاكرتي إلى الوراء ، حيث أتذكر أحداثا و مسلكيات و ظواهر كانت تصاحب و ترافق هذا الشهر الفضيل .
في مساء اليوم الذي يسبق حلول هذا الشهر ؛ كان يحلو لنا و نحن أطفال ، أن نتأمل و بكثير من الفضول ، رؤوس كثير من النساء على الأسطح ، و التي تبدو و هي تشرئب نحو الأفق و تنتظر مغيب الشمس ، فيما الأصابع تشير في الفضاء إلى شيء بعيد ، و مباشرة بعد ذلك تعلو الزغاريد التي يتردد صداها في كل مكان .
كانت هذه اللحظة أساسية و تتعلق بمراقبة شهر رمضان ، حيث إنه و إذا ثبتت رؤيته ، يكون الإعلان الرسمي بحلوله و بداية الصيام لشهر كامل امتثالا لقوله تعالى في صورة البقرة :” فمن شهد منكم الشهر فليصمه …” .
في بدايته تكون حركة الصائمين بطيئة ، و تعلو وجوههم أحيانا مظاهر العياء و التعب ، نتيجة النقص في ساعات النوم ، و كذلك لتدني مادة السكر في الدم و كذا لارتفاع أو انخفاض ضغط الدم .
هذه عوامل جانبية قد تتسبب في النزاعات و النرفزات و الخصومات التي تكثر في الفضاءات التي يرتادها الناس .
و المثير للإنتباه ، أنه كلما اقتربت ساعة آذان المغرب ، إلا و شهدت الشوارع اكتظاظا و حركة غير عادية للمواطنين ، بغرض التبضع ، و قد يكون الازدحام غير عادي ، و قد يُفَسَّرُ ذلك ببعض الفرحة التي تغمر الصائم ، نظرا لاقتراب موعد تناوله الطعام أي الإفطار .
كان هذا الأخير عند عموم الأسر عاديا و بسيطا : ” الحريرة ” ، الخبز ، الثمر .
نخرج ، نحن الأطفال ، بعد حصة تناول الطعام إلى أزقة الحي، نلعب و نلهو بالجري و غيره ، نردد أناشيد لها علاقة بشهر رمضان .
و نظل على هذه الحالة و تحت الأضواء الكاشفة إلى ساعات متأخرة من الليل .
بعدها نلتحق بأفرشتنا و نغط في نوم عميق ، بعد يوم من التعب و الصيام و اللهو .
يتبع…