
– د . ادريس العسري :
ونحن نعيش هذه اللحظات الرهيبة والحزينة يصعب علينا استيعاب فقدان أيقونة العمل الجمعوي الملتزم والجاد بمدينتنا الأستاذة الفاضلة والمثقفة المتنورة والشاعرة المقتدرة الحاجة سعاد الطود، تتقاطر علينا العديد من الذكريات الجميلة وخصوصا تلك التي تقاسمنا فيها مع المرحومة مجموعة من المشاريع الجمعوية.
وبهذه المناسبة الأليمة ارتأيت أن أتقاسم مع أصدقائي نص كلمتي المتواضعة التي ألقيتها بإسم جمعية مدينتي للتنمية والتعاون، بمناسبة حفل توقيع ديوانها الشعري “ظل غمامة” في يناير 2019 بالقصر الكبير.
القيت هذه الكلمة وهي بيننا وفي عالمنا الفاني واعيد نشرها وهي في جنات الخلد ان شاء الله.
تغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته وألهم أهلها وذويها واصدقائها ومحبيها جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا اليه راجعون ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
نص الكلمة
باسمي الخاص وباسم جمعية مدينتي للتنمية والتعاون يشرفني أن اقف بينكم اليوم في هذا اللقاء الأدبي والثقافي المتميز بحضور رموز الأدب والفكر والفاعلين الجمعويين لكي أعبر لكم عن شكري وامتناني لإتاحتكم لي الفرصة لأقول كلمات في حق الشاعرة الأستاذة سعاد الطود وما تمثله بالنسبة لنا نحن كمكون من فعاليات المجتمع المدني المحلي.
ونحن ملتئمون اليوم لنشهد ولادة ديوان الشاعرة الأستاذة سعاد الطود وهي شخصية أدبية وثقافية وجمعوية قيمة محلياً ووطنيا تحمل روح العصر وأثبتت حضورها بقوة ، في هذه اللحظات بالذات ينتابنا شعور خاص بين الفخر والفرح ورغبة كبيرة في أن نعبر جميعا عن اعتزازنا الكبير أننا عملنا جنبا إلى جنب وتقاسمنا مجموعة من القيم والمشاريع الجمعوية في مجالات متعددة ولمدة سنوات كالمجال الثقافي والاجتماعي والصحي والبيئي…. ومازال التنسيق والتعاون مستمرين في إطار التقائية الأهداف والمشاريع لما يخدم المجتمع والمدينة.
وإننا في هذا اليوم نرفع قبعتنا عاليا لأصحاب فكرة تأسيس جمعية الأنوار النسوية والذين سهروا على بلورة الحلم الجميل إلى واقع أجمل ومؤثر وهي الأساتذة سعاد الطود و مجموعة من الأعضاء الذين آمنوا بالمشروع وعملوا منذ سنة 1995 بكل صدق وتفاني ،هذه الجمعية التي أسدت الكثير من الخدمات الإجتماعية ، التعليم ، تحسين دخل النساء ، الدفاع على حقوق المرأة ،المواكبة والمصاحبة ،تقوية القدرات ،ودافعت عن قضايا كبرى كمساندة القضية الفلسطينية وحماية اللغة العربية وحماية تراث المدينة
منذ أن خبرنا العمل الجمعوي ونحن على اطلاع بما تقوم به جمعية الأنوار النسوية وكانت تبدع في العمل الميداني الجاد وبمقاربات حديثة فكانت الجمعية التي ترأستها الأستاذة سعاد سباقة في التعاطي لمجموعة من الإشكالات الاجتماعية بمدينتنا واستطاعت عقد شراكات على الصعيد الوطني والدولي وخلقت من الجمعية مؤسسة فرضت وجودها وقائمة الذات ونموذجا يحتدى به.
نحن في جمعية مدينتي لا يمكننا أن نفصل الانتاجات الأدبية للأستاذة سعاد الطود عن شخصيتها الجمعوية السخية ، ونرى أن هذا اللقاء الأدبي بكل صدق مكتمل الأركان لأنه استحضر كل الأبعاد والأوجه لشخصية الاستاذة والمثقفة سعاد الطود وأخص بالذكر الواجهة النضالية الجمعوية .
فهي المثقفة صاحبة مشروع ورسالة ، الملتزمة والمتفاعلة مع قضايا المجتمع وبآلامه وآماله ، والفاعلة والمؤثرة فيه ودائما تسعى من أجل تحقيق التغيير.
وهي نموذج الفاعلة الجمعوية التي تطبق بكل تلقائية وعفوية المقولة الشهيرة: “فكر عالميًا ، اعمل محليًا” . وهي المقولة التي تلخص روح وأهداف التنمية المستدامة .
فهي دائمة التفكير في القضايا المجتمعية الكبرى ـ مسألة الهوية ــ المرأة ــ اللغة العربية ــ القضية الفلسطينية ــ الهشاشة ــ التعليم …. وانطلاقا من قناعاتها والقيم المتشبعة بها تسعى جاهدة لتنزيل حلول لكل هذه الإشكالات عبر برامج على أرض الواقع ، وذلك قناعة منها بالدور الريادي الذي يلعبه المجتمع المدني.
بالنسبة للاستاذة سعاد الطود، المثقف عليه أن يكون أكثر من الملاحظ والمراقب بل عليه أن يشارك في الدينامية التاريخية من خلال الانخراط والالتزام بالسعي من أجل التغيير من داخل المجتمع. وهي بالفعل نموذج المثقف العضوي.
Albert Einsten
« le monde ne sera pas détruit par ceux qui font le mal, mais par ceux qui les regardent sans rien faire ».
“لن يتم تدمير العالم من قبل أولئك الذين يقومون بالأعمال الشريرة ، ولكن من قبل أولئك الذين يراقبونهم بدون القيام بأي شيء.”
نرجو من العلي القدير أن يمتعها بموفور الصحة والعافية والسعادة والهناء وأن يعينها على المزيد من العطاء والنجاح في مجال إبداعاتها الأدبية والجمعوية .