على هامش الذكرى الأربعينية للفقيد : ذ. محمد السكتاوي . القائد / المعلم : محمد السكتاوي .

16 فبراير 2025

بقلم : ذ . ادريس حيدر
رجل امتطى صهوة الوفاء
و نافح من أجل نور الضياء

أفتح كوة ، و أدعوكم للإطلالة منها على الزمان و المكان و الأشخاص .
نحن الآن في بداية التسعينات ، حيث كانت الأوضاع السياسية في البلاد ، صعبة و محتقنة و رمادية .
كما أن المشهد الحقوقي كانت تطاله انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ، مما حدا بالدولة المغربية ، و نتيجة للضغط الدولي ، أن تُرَوَّجَ لفكرة أن المغرب يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا .
و إذن، في هذا السياق ، عادت منظمة العفو الدولية لمزاولة نشاطها في المغرب ، لكن عودتها لم يكن مرغوبا فيها .
و كانت أول محطة نضالية ، أسست لهذه العودة المنتظرة و المحمودة هي :
– حملة ” تجديد العهد ” و التي كانت تقتضي حشد توقيعات كل أطياف المجتمع : سياسية ، نقابية ، اجتماعية ، حقوقية و ثقافية من أجل الالتزام بالإعلان لحقوق الإنسان .
و قد لقيت هذه الحملة نجاحا مبهرا ، حيث كللت بمليون توقيع .
و كانت هذه الحساسية ، إعلانا بالتحاق منظمة العفو الدولية بالركح الحقوقي المغربي .
– ندوة : ” إسهامات الحضارات و الثقافات المختلفة في الارتقاء بقيم و مبادئ حقوق الإنسان ” ، و قد شارك فيها مختصون و محاضرون من كل أرجاء العالم .
– ” مهرجان السينما لحقوق الإنسان ” و الذي شهد مشاركة فنانين عرب و أجانب ، و لقي هو الآخر نجاحا متميزا .
كما نظمت المنظمة كثيرا من الندوات حول : المرأة ، الإعلام ، النقابات و الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية ، مخيمات الأطفال و الشباب ، معارض الكتاب …الخ .
وكانت أول من أطلق في المغرب برنامجا للتربية على حقوق الإنسان ، حيث أبانت عن علو كعبها و أصبحت لدى المختصين مرجعا و دليلا ناجعا و مفيدا .
و ساهمت أيضا في حملات الحركة الدولية ك : مناهضة عقوبة الإعدام ، مناهضة التعذيب ، و حملة حرية الرأي و التعبير …الخ .
كل هذه الأنشطة وأخرى لا يسمح هذا الحيز ببسطها و سردها و عرضها ، كان مهندسها هو :ذ. محمد السكتاوي .
و مما لا شك فيه أنها حققت أثرا طيبا و ملموسا ، ذلك أن الدولة المغربية ، و كما هو في علم الجميع ، وقعت على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب ، كما أنها أوقفت عقوبة الإعدام .
و في هذا الإطار فإن النجاح الذي توجت به هذه الفعاليات ، جعلت الفقيد عرضة لحملات مغرضة من طرف جهات معلومة و أقلام مأجورة ، إلا أنها لم تنل شيئا من شجاعة الرجل و مصداقيته و نزاهته .
و إذن في ظل هذه النجاحات الكبيرة التي صاحبت أنشطة المنظمة ، ماهي يا ترى الرسائل و الدروس و التوجيهات التي لقنها الفقيد لمناضلي المنظمة ؟
أكاد أقول أنه علمها ما لم تكن تعلم ، و من بين تلك الذرر الغالية التي نثرها في فضائها :
1 – الاشتغال بتخطيط و عقلانية بعيدا عن العفوية و الارتجال .
2 – وضع خطة تشغيلية لكل برنامج أو نشاط أو فعالية .
3 – تسطير أهدافه سلفا و الوسائل المتاحة لتنفيذه ، و الفرص السانحة لنجاحه ، و المخاطر التي تهدده و المحدقة به .
4 – وضع سيناريوهات لكل طارئ يهدد العمل أو البرنامج بالفشل .
5 – تحريضه العضوية من أجل التعبير عن رأيها و على الثقة في النفس ، مؤكدا دائما على أن كل رأي و مهما كان يشكل إضافة للموضوع المناقش ، لذلك كان يرفع هذا الشعار و يردده بقوة :” افتح فاك “.
6 – دعوة المناضلين إلى أن يطبع نقاشاتهم الهدوء و الأخلاق ، و فيما إذا حصل اختلاف مع الآخر ، أن يكون “رحيما “.
7 – تنبيهه لهم بأن المرء ، لا يملك الحقيقة المطلقة ، بل ما لديه من حقائق أو معطيات ، نسبي .و تعليمات و نصائح أخرى مجدية و مفيدة .
و قد كان هدفه منها : تكوين المناضل تكوينا متينا و رفيعا ، من خلاله سيتميز ب” سحنة أمنيسيتي ” Profil d’Amnesty “.
و هنا قد يُطرح سؤال محوري و مشروع :
– ماهو السر في نجاحات كل أنشطة المنظمة ؟
إن الفضل بدرجة أساسية ترجع للفقيد و لمميزاته الإنسانية و لنهجه القويم .
فهو رجل التواصل بامتياز ، يخلق لدى الغير شعورا بالارتياح و الإطمئنان و حسن الإنصات و الاستجابة .
فضلا عن ذلك فلقد كان فسيح الرؤية ، رحب النظرة ، استراتيجي التفكير ، عطوفا ، حنونا ، حليما ، حييا ، معطاء ، شامخا ، نبيلا ، نزيها ، مبدئيا و حاتميا .
امتطى صهوة الوفاء ، و نافح من أجل نور الضياء .
حَلُمَ بمغرب ديمقراطي يسع كل أبنائه ، و حق الجميع في المواطنة و الكرامة و العدالة الاجتماعية
كان كذلك قوة هادئة و هادرة ، بل مدرسة لحقوق الإنسان ، كما نعته السيد الرئيس و النقيب :ذ . عبد الرحيم الجامعي .
رجل حمل متاعب و هموم الإنسانية في عقله و ضميره ، و أنار سبيلها بِسَنَا و نور الفضيلة من خلال نثره قيما فضلى في فضائها .
رجل فرد بصيغة الجمع ، متعدد الخصال و المواهب .

لن أسد الكوة التي فتحتها ، لأترك نسائم الفقيد العليلة و الزكية بعطر الزهر تداعب وجداننا .
أجل ، إن المصاب و الفقد جلل و الحزن بارد و ثقيل و رصاصي .
فلكل مناضلي م.ع.د. و أصدقاءه و محبيه : خالص العزاء و لأسرته المكلومة صبرا جميلا و لروحه الطاهرة : الطمأنينة و السكينة و السلام .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading