
اد . عزيز الهيلالي
أنا في محطة القطار أنتظر عودتك. أراقب الزمن ينساب ببطء ثقيل كقطرات ماء، ولم يبقَ في المحطة سوى أشباح وكثير من الذكريات…
كل شيء عاد: الوجوه التي مرّت أمامي كظلال عابرة سافرت وعادت، لغط المسافرين عاد صداه من جديد، وأصوات المدن عادت من حناجر المسافرين. حتى مواء القطط التي أنجبت صغارها على مقربة من باب المحطة عاد ليخترق صمت المكان. كل الحركات والأصوات التي سمعتها، كل ما تحسسته في هذه المحطة عاد، إلا أنتِ لم تعودي.
هل تنظرين إلي وأنا أبحث عنكِ في زوايا معتمة، في أعين الغرباء، في صدأ المقاعد المهجورة؟ أما شعرتِ بثقل الغياب ينهش داخلي؟ أكاد أجزم أنكِ هنا. أرى ظلكِ خلف تلك الأضواء الباهتة، خلف الظلال المتراقصة على الجدران، في آخر عربة القطار، أو ربما في صمت الفراغ الذي يملأ أرجاء المحطة.
لكنني هنا، رغم أن الرحيل مضى عليه وقت طويل، ما زلت أنتظر تحيتكِ الصباحية التي تفيض بأنوار الروح وتوقظ أعماقي:
– “أهلا يا أنا”.