“المغاربة في حاجة لتعديلات تهم الاستفادة من خيرات هذا الوطن “

31 ديسمبر 2024
Oplus_0

الدكتور : محمد البدوي
وأنا أتابع ضجيج ما يروج في الواقع الافتراضي من لغط ونقاش منقطع النظير حول ما جادت به بعض مخرجات تعديلات مدونة الأسرة المغربية، أجدني أتأمل هذا النقاش وأحاول جهد المستطاع أن أفهم بعضا من تلك المقاصد والأهداف المتوخاة من إصلاح هذا الورش العظيم الذي يمس أهم ركيزة في المجتمع،باعتبار أن الأسرة هي نواة المجتمع إن صلحت صلح المجتمع كله وإن فسدت فسد المجتمع كله.
كنت حريصا كغيري من أبناء هذا الوطن أن ينصب التجديد والتغيير وحتى التعديل أو الإلغاء في بعض الأحيان لتلك النصوص الظنية الدلالة على الأحكام بعيدا عن النصوص القطعية التي لا تقبل ذلك، بما ينفع الأسرة ويعود بالمصلحة على المجتمع.
من هذا المنطلق كنت أرجو أن يمس التعديل كل السبل والتدابير التي من شأنها تيسير الزواج،من قبيل التشجيع على التخفيض من قيمة المهر وبعض متطلبات العقد، والتخفيف من بعض المسؤوليات والأعباء الجسيمة التي قد تكون حجرة عثراء في وجه الشباب المقبلين على الزواج وترهق كاهلهم، وكنت أقترح أن تساهم الدولة ببناء سكن اجتماعي بسيط وتعفيه من كل الضرائب المباشرة وغير المباشرة وتقطع كل سبل الاحتيال في وجه السماسرة،وتتكفل الدولة ـ باعتبارها ترفع شعار الدولة الاجتماعية ـ ببيع هذا السكن للشباب بثمن مناسب قد لا يتجاوز مثلاً (سبعون ألف درهم ) تجعل هذا المبلغ على أقساط شهرية في حدود ألف درهم أو حتى ألف وخمسمائة درهم يكون الشاب المغربي المتزوج حديثا قادرا على تملك مسكنه في مدة خمس أو ست سنوات وفي أبعد التقدير لا تتجاوز المدة سبع سنوات ليكون الشاب المغربي المتزوج قد ضمن سكنا يليق بالكرامة الإنسانية وينطلق بعدها في خدمة وطنه الذي أعانه على الزواج، وتحمل معه الدولة نصيبا من تكاليف الحصول على مسكن يأويه وزوجة تعينه على اقتحام مستقبل يبشر بمجتمع فاضل.
وهكذا تكون الدولة الاجتماعية قد فتحت أوراشا وشجعت على الزواج وفتح بيوت وبناء أسر مستقرة،فيزيد الارتباط بينه وبين الوطن ويتجنب أن يغامر المواطن في هجرة غير مأمونة عبر قوارب الموت لدولة جارة ربما لا تملك من المقومات الطبيعية والاقتصادية ما يملكه وطني،وهكذا لن تفكر الدولة الاجتماعية في الزيادة في مصاريف بناء السجون وكذا مصاريف التقاضي ومؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال المتخلى عنهم وهم بالآلاف،وكذا لن تزيد في الإنفاق في على الأمن وبعض القطاعات المرتبطة بانهيار منظومة الأسرة .
نفسها المبالغ التي ترصد من أجل الهدم قد تكفي وزيادة في البناء، بل وتحصل البركة مع صدق النية في الإصلاح والتغيير .
هكذا يكون البناء وتكون التنمية المستدامة بعيدا عن الشعارات الجوفاء التي تدعو إلى الحرية بمعنى الانحلال والتفسخ بشكل يطمس الهوية ويجعل من المواطن المغربي مجرد رقم يصلح للاستهلاك البغيض من طرف مافيا السياسة والاقتصاد الذين جمعوا باسم السلطة التي خولت لهم الاغتناء بسهولة باسم ممارسة السياسة ، فباسم القوانين التي يسنُّوها والأحكام التي يشرعونها يزداد غناهم الفاحش المقرف بعيدا عن أي محاسبة. ولا غرابة أن يكون الذي يبيع المحروقات والأدوية بل حتى الماء والغاز والهواء هو نفسه رئيس الحكومة في الدولة الاجتماعية . فكيف له أن يكون خصما وحكما ؟ وما صفقة تحلية ماء البحر عنا ببعيدة.
وقد أحسن الإمام البصيري قولا :
وَلَا تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْمًا وَلَا حَكَمًا/// فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ
الجمع بين الحكم والثروة جريمة مكتملة الأركان ويُصنف أخنوش، حسب مجلة “فوربس” (Forbes) المتخصصة في تصنيف الأثرياء حول العالم، ضمن قائمة الأغنياء العرب. وحلّ العام الجاري في المرتبة الـ13 من بين المليارديرات العرب، والمرتبة 1664 من بين أغنياء العالم بثروة بلغت 1.9 مليار دولار.
وختاما السؤال المطروح والذي يجب أن يبقى الشغل الشاغل لكل المغاربة بعيدا عن الفقاعات والبهارات هو أين الثروة؟ ومن المستفيد من خيرات هذا الوطن دون باقي الشريحة الواسعة من المجتمع؟
ومن المسؤول عن هدر المال العام ؟ وكيف يجب الأخد بيد من حديد المفسدين ناهبي المال العام والذين يستغلون مناصبهم السياسية رفيعة المستوى للسطو على خيرات هذا الوطن ؟
وماهي التعديلات المناسبة والراهنة التي ينجب أن ينصب عليها إصلاح المجتمع قاطبة في إطار مشروع وورش كبير يهدف لتحقيق الكرامة الإنسانية للرجل والمرأة على حد سواء فينعم المجتمع بالحرية والعدالة الاجتماعية والرخاء والازدهار ويستفيد من خيرات وطنه ليحرص كل الحرص على أن يكون مواطنا صالحا في وطن صالح.
ومدونة همها أن تفسد امرأة على زوجها ليست منا، ولسنا منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”ليس منا من خبب امرأة على زوجها”.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading