
ذ. حسن اشروي:
كلما كنت جالسا بعد العشاء في مقهى حينا مر رجل عجوز يمشي بخطى متثاقلة يستند على عصاه حاملا قفة بيده اليمنى.
اثارني الفضول فسالت صديقا كان يجالسني ذات يوم و العجوز مار من أمامنا: من يكون هذا الرجل؟
المفاجأة كانت صادمة لي :انه الحارس الليلي لحومة تبتعد قليلا عن سكني.
تاسفت كثيرا لوضعه مجيبا صديقي:لا حول ولا قوة الا بالله، رجل تجاوز السبعين يبدو من ملامحه ومشيته انه يعاني ولازال صامدا يمتهن مهنة تدعو ان يكون صاحبها سليم البنية لا يعاني من شيء، يبيت الليالي ببرودتها وقساوتها يحرس منازل النائمين ووسائل تنقلهم إلى حين شروق الشمس حيث يعود لبيته الذي لا أعرف هل هو في ملكيته ام لا ليرمي بجسمه المتعب على فراشه البسيط.
المسكين وأمثاله من الحراس المداومين ليلا غالبا ما يتحول ليلهم لنهارهم.
مؤسف جدا أن نرى أمثال هؤلاء يمتهنون مهنا صعبة في أواخر مراحل عمرهم فهل في بلاد الكفر يعيشون نفس الوضعيات؟
لا أخفي عليكم شعوري تجاه هذا العجوز المناضل للقمة العيش الحلال، فبقدر المي لوضعيته كنت انظر اليه نظرة افتخار لصموده أمام قهر الزمان وفقدان دعم الابناء له وهو الرجل الذي يعيش خريف العمر.
قصة هذا المكافح تجعلني انزعج من شي بوركابي الذي لا يستفيق الا بعد الظهر وبعد تناول الفطور المعد من والدته يزمجر في وجهها لتمده المسكينة مصروف المقهى.