نهاية عاشق (01)

12 أكتوبر 2024

ذ. ادريس حيدر : 

عرفتهُ ونحن بعدُ أطفال في الأقسام الأولى من التعليم الإبتدائي .
كان يبدو لي طفلا عاديا ، نحيلا و عنيدا ، فيما ملامحه لم تكن تترك أي انطباع لدى الغير .
في المرحلة الإعدادية ، اقتربتُ منه ، لأكتشف أن الفتى تغير بشكل كلي .
أصبح متين التكوين ، مستوعبا لبعض المتغيرات الثقافية و الفكرية ، التي سادت في الغرب بعد الحرب العالمية الثانية ، و ازداد اطلاعه عند اقترابه من اجتيازه لامتحانات ” الباكلوريا “.
دافع عن الفكر الوجودي السائد أنذاك ، و عن رواده ك: ” جان بول سارتر ” ، ” سيمون دي بوفوار “، و ” ألبير كامي”… و غيرهم .
و كان و هو لازال في مقتبل العمر ، يُمْعِنُ في إحراج بعض ” المحافظين ” من الطلبة و آخرين من مختلف المشارب الفكرية و المواقع الاجتماعية ، و ذلك عند مناقشة المواضيع و الإشكالات ذات الخلفيات الدينية ، حيث كان أغلبهم يعجز عن مقارعته ، لأنه كان يشحن و يدعم وجهات نظره بكثير من المنطق و العقلانية و بغير قليل من الإحالات من مقولات و أفكار لكبار الفلاسفة .
و في وقت لاحق ، أعلن اعتناقه للمذهب الشيوعي ، و آمن من خلاله بأن الصراع الطبقي سيُفضي بشكل حتمي إلى انتصار الطبقة العمالية ( البروليتاريا ) في صراعها الأبدي ضد البرجوازية .
ثقته في مخزونه المعرفي و قدراته التحليلية و جرأته على اقتحامه عالم الفكر بالرغم من حداثة سنه ، جعله يُكسرُ بعض الطابوهات ، التي لم يكن أحد من جيله يجرأ على فعله .
و هكذا أصبح يتناول الخمر و يستهلكه في سن مبكرة ، كما أعلن إلحاده و إفطاره في شهر ” رمضان ” علىً مرأىً من الجميع ، مما جعل أطرافا مختلفة تتربص به بل و تتكالب عليه و تهاجمه و تحاول النيل منه و ذلك بإطلاقهم إشاعات مغرضة في حقه ، مؤداها و مضمونها تحريض الغير على كراهيته ليسهل الاعتداء عليه .

يتبعُ…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading