
ذ : حميد الجوهري :
( الصلاة عليك يا رسول الله، يوم ولدت و بعثت رحمة للعالمين)
كان أحد أساتذتي النجباء، يردد مقولة : أن الاستغراق في الفقه يولد القسوة، مالم يصاحب بالذكر)
و عشنا حتى رأينا رجالا يحملون الميزان بغير حق، بصيحون في المنابر بحناجر غليضة شديدة، و يقصفون المجاميع بسليط الألسن، متناسين أن الله يعبد بالرخصة كما يعبد بالعزم، فجنحوا جهة الإكراه بالقول و الفعل، و استرهبوا الناس بميزان التكفير أو التبديع، و حادوا عن المقاصد كما أثبتها الأصوليون، و تجرؤوا على علماء الأمة من المذاهب كلها، كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة..!
تراهم كل يوم في جدال، و أي جدال هو، فهو لا ينقصه إلا السيف، و التجربة الدولية غنية بالأحداث التي حملت فيها السيوف بإرهاب، غمدت حيث موقع الحق، و ليس أحداث أرض العزة ببعيدة كمعيار، فأين قواعدهم و نصرتهم و دولتهم..، يكاد يقنع واقعهم بأنهم ليسو إلا أدوات صهيوماريكانية، لا ينقص من هذه القناعة اصطفاف حسنو النية في ساحاتهم، و للأسف بيننا سماعون لهم..!
هؤلاء بمنهجهم لا يوقرون الدين، و لا رسول الإسلام عليه الصلاة و السلام، و هاهم اليوم في موطن الاحتفال بذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه و سلم، يستكثرون على الناس جعل هذا الشهر زيادة في الخير، و أي خير يعلو على الاحتفال برسول الله و ذكر سيرته و خلقه، و الاقتداء بالعلماء و الصلحاء في تكرار الصلاة عليه و مدحه..، و العجيب أن هؤلاء في غالبيتهم يمتدحون و يحتفلون بزعمائهم و أبنائهم، من غير أن ينكر عليهم الناس فعلهم، و في موطن الاحتفاء برسول الله يبخسون الناس حقهم في حب رسول الله و التعلق بالتصلية و المدح، فهل هذا إلا منكر من مناكر قساة القلوب..؟!!
كلا، إن عيد مولد النبي عليه الصلاة و السلام، قائم الأركان في قلوب المؤمنين، لا تؤثر فيه ألسن القساة، و إنها قلوب لين، و مقل دامعة، ووجوه مستبشرة، عاقدة العزم على الترقي في موطن شفاعة رسول الرحمة عليه أفضل الصلاة و السلام و على آله و صحبه الكرام، و إنهم يكرهون العامة على ما لا يتوافق و حبهم للنبي عليه السلام، أفلا ينتهون من ذلك؟!