د.عبد القادر محمد حسن الغزاوي
هو أبو العباس أحمد بن إبراهيم الجرفطي ، لم أعثر على ترجمة كاملة له ولا على تاريخ ومكان ولادته ونشأته ، وحسب بعض المعلومات أنه نشأ وترعرع بمدينة القصر الكبير الواقعة بشمال المغرب، رغم العديد من كتب التاريخ والتراجم التي ورد إسمه بها لم تشر إلى تاريخ ومكان ولادته، ولم تتحدث عن الطريقة التي نشأ عليها ولا إلى تعليمه ، ولا إلى ترجمة وافية لحياته ، إلا بعض النتف القصيرة ومعلومات ضئيلة ، ولا يذكر إسمه إلا عند الحديث عن تراجم بعض الأولياء والوليات المشهورين بالمغرب ، رغم أنه كان من العلماء والفقهاء البارزين والمعروفين ، والذين سطع نجمهم في عهد الدولة الوطاسية ، ( 823 ـ 961 / 1420 ـ 1554 ) وخلال فترة حكم بني عبد الواحد العروسيين ، الذين حولوا مدينة القصر الكبير إلى إمارة شبه مستقلة، لا تدين للوطاسيين إلا بالسيادة الإسمية، وعن بني عبد الواحد العروسيين جاء في كتاب الهبط عبر العصور : ( بنو عبد الحميد العروسيين : تنسب إليهم مجموعة من قواد القصر الكبير الذين حكموا المدينة منذ عام 876 هـ / 1471 م ، أوائل عهد الوطاسيين ، وأصلهم من بني عروس الهبطية ، منهم عبد الله العروسي الهبطي من رجال منتصف القرن التاسع الهجري ، وانتهى حكمهم عام 967 هـ / 1559 م . بتعيين عبد الله الغالب عبد الرحمن بن تودة العمراني قائدا على أصيلا والقصر الكبير والعرائش ) (1) .
وقد وردت ترجمة العالم أحمد بن إبراهيم الجرفطي في كتاب دوحة الناشر لابن عسكر كما يلي : ( ومنهم الفقيه الصدر الوحيد المدرس المفتي الشيخ أبو العباس أحمد بن إبراهيم الجرفطي ، كان رحمه الله وقوراً نزيهاً ذا هيبة ، يدرس الفقه والتفسير والحديث ، حضرتُ مجلسه مرارا عديدة ، وكان منتصبا لخطة الفتوى بالقصر الكبير، وكان أمراء بني عروس يعظمونه غاية التعظيم ويضاهون به مشيخة الفتوى بحضرة فاس . توفي في حدود الثلاثة والخمسين ، ودفن برابطة الشيخ أبي الحسن بن غالب القرشي بخارج باب سبتة رحمه الله ) (2) . وهذه الترجمة يعتمد عليها كل من يريد الكتابة عن هذا العالم .
و جاء في كتاب الحركة الفكرية بالمغرب لمحمد حجي عند الحديث عن الحركة الثقافية بمدينة القصر الكبير ما يلي : ( كان كثير من علماء هذه المدينة يوزعون أيامهم بين التدريس في المساجد والمدارس ، والخروج للجهاد والإقامة بالربط . من هؤلاء :
ـ أحمد بن إبراهيم الجرفطي . توفي نحو 953 / 1546 : ( متضلع في الفقه عارف بالنوازل منتصب للفتيا ، ملازم لتدريس التفسير والحديث وكتب الفروع ، يحضر مجالسه أعيان الطلبة وفقهاء البلد ” وكان أمراء بني عروس ـ حكام القصر الكبير ـ يعظمونه غاية التعظيم ، ويضاهون به مشيخة الفتوى بحضرة فاس ) . (3) .
ويعد العالم والمجاهد أحمد الجرفطي من العلماء والمدرسين الكبار ، والمجاهدين الأبرار ، حيث كثيرٌ من علماء مدينة القصر الكبير يقضون أيامهم بين التدريس في المساجد والمدارس ، والمشاركة في الجهاد الحربي والإقامة بالربط ، وقد كان يحضر مجالسه العلمية ودروسه الفقهية العلماء والطلبة نظرا لعلمه الغزير والممتع، وكان يتمتع بالوقار والاحترام ، وله علم واسع ويدرس الفقه والتفسير والحديث، وكان منتصبا لخطة الفتوى بمدينة القصر الكبير، وقد عاصر جماعة من العلماء والفقهاء منهم : محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني ( صاحب دوحة الناشر ) ، وعبد الرحمان بن محمد الخباز وأبو الحسن علي بن الشيخ اللخمي ومحمد بن علي الخطيب العكبري القصري .
ونظرا لمكانة أحمد بن إبراهيم الجرفطي العلمية والفقهية ، وما كان عليه من درجة كبيرة ومهمة من العلم في الفقه والحديث والتفسير ، فقد حظي بمكانة ممتازة عند أمراء بني عبد الواحد العروسيين ويضاهون فاسا بعلمائهم ، ويعظمونه ويضاهون به في الفتوى مدينة فاس .
توفي هذا العالم المجاهد بمدينة القصر الكبير سنة 953 م ، ودفن برابطة الشيخ إبي الحسن بن غالب القرشي بخارج باب سبتة ، بعدوة الشريعة .
وتبعا لما أشرتُ إليه في الموضوع أعلاه وحسب ترجمته التي وردت بكتاب ” دوحة الناشر ” فإن هذا العالم لما توفي دفن خارج باب سبتة . وكل من تناول ترجمته وما ورد في مجموعة من المراجع يشيرون إلى ذلك . وأن صورة ذلك القبر المرفقة بالمقال ترجع إلى قبر هذا العالم مما استنتج مما كتب عنه . وكشأن جميع قبور وأضرحة الأولياء والوليات بمدينة القصر الكبير لم تكن تحمل إسم أصحابها وإنما الأسماء جاءت بعد البحث ومطالعة كتب التراجم والتاريخ فاستخرجت تلك الأسماء دون أية وثيقة تثبت ذلك باستثناء معلومات عامة …
القصر الكبير في : 05 أبريل 2012 م .
المراجع والهوامش :
1 ـ كتاب الهبط عبر العصور . القصر الكبير عاصمة الهبط . العرائتوفي في حدود الثلاثة والخمسين ، ودفن برابطة الشيخ أبي الحسن بن غالب القرشي بخارج باب سبتة رحمه الله ) (2) . وهذه الترجمة يعتمد عليها كل من يريد الكتابة عن هذا العالم .ش أعرق مرسى مغربية في المحيط الأطلسي . تأليف عبد العزيز بنعبد الله . السنة 2008 م . الصفحة رقم 75 .
2 ـ كتاب دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر . تأليف محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني . تحقيق محمد حجي . الطبعة الثالثة . السنة 2003 م . الصفحة رقم 41 . الترجمة رقم 23 .
3 ـ كتاب الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين . تأليف محمد حجي . الجزء الثاني . السنة 1978 م . الجزء الثاني . الصفحتان رقم 427 و 428 .
4 ـ كتاب دولة بني وطاس . تأليف أوغست كور . ترجمة محمد فتحة . الطبعة الأولى . السنة 2010 م .
5 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف لأبي يعقوب يوسف بن يحي بن عيسى بن عبد الرحمان التادلي عُرف بابن الزيات . اعتنى بنشره وتصحيحه أدولف فور . الصفحتان رقم 331 و332 . طبعة سنة 1958 م .
6 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي السبتي لأبي يعقوب يوسف بن يحي التادلي عُرف بابن الزيات . تحقيق أحمد التوفيق . الطبعة الثانية . السنة 1997 م .
7 ـ كتاب أنس الفقير وعز الحقير . لأبي العباس أحمد الخطيب الشهير بابن قنفذ القسنطيني . ، اعتنى بنشره وتصحيحه محمد الفاسي وأدولف فور . طبعة سنة 1965 م .
8 ـ كتاب تراجم أشهر أولياء وصلحاء مدينة القصر الكبير. مخطوط للأستاذ الحاج عبد السلام القيسي الحسني .
9 ـ كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى . تأليف أحمد بن خالد الناصري . الجزء الثالث . السنة 1954 م . والجزء الرابع . السنة 1955 م . تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري .
10 ـ كتاب مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن . تأليف الإمام أبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي الفهري . دراسة وتحقيق محمد حمزة بن علي الكتاني . الطبعة الأولى . السنة 2008 م .
11 ـ كتاب المطرب بمشاهير أولياء المغرب . تأليف الشيخ عبد الله بن عبد القادر التليدي . الطبعة الرابعة . السنة 2003 م .
12 ـ كتاب الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج . لمحمد بن الطيب القادري . ( 1124 / 1712 ـ 1187 / 1773 ) . دراسة وتحقيق مارية دادي . السنة 2009 م .
13 ـ كتاب لُمع من ذاكرة القصر الكبير . الجزء الأول . كتاب جماعي . تنسيق وإعداد محمد العربي العسري ومحمد أخريف , السنة 2012 م .
14 ـ كتاب مدينة القصر الكبير تاريخ ومجتمع ووثائق . تأليف الحاج عبد السلام القيسي . السنة 2006 م .
15 ـ كتاب الطريق لمعرفة القصر الكبير . تأليف محمد عبد السلام بوخلفة . السنة 1972 م .
16 ـ كتاب الوافي بالأدب العربي في المغرب ا لأقصى . تأليف محمد بن تاويت . الجزء الثاني . السنة 1983 م .
قناة مركز ابن البنا المراكشي على اليوتيوب
أسْرارُ البَيَان في القُرْآن(17) البَيانُ في التَّعْبِير بِصيغَة اسْمِ المفْعُول في قَولهِ تعَالى ﴿حِجَاباً مَسْتُوراً﴾