
——–ذ . محمد رشيد يحيى——
الفساد بالمغرب معمم ويخترق كل المؤسسات هذه حقيقة ثابتة بشهادة المجلس الاعلى للحسابات وتقارير دولية عديدة بمعنى آخر ان وجود الفساد وانتشاره ونتائجه الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن ان تشكل موضوعا خلافيا بين كل الفاعلين بالمغرب. الفساد كالسرطان اذا لم نتمكن من محاربته في بداية التشكل سيتمكن من الانتشار والتوسع وتدميره في هذه الحالة يحتاج لادوات ووسائل متجددة تشكل مجالا للبحث العلمي .
بهذا المعنى القضاء على الفساد في الحالة المغربية يعد اشكالا معقدا كنتيجة لوصول بعض كبار رجال الأعمال لمراكز القرار والحال أنهم يشكلون امتدادا لشبكات الفساد والريع وتضارب المصالح ، نتيجة ذلك أصبحت الدعوة لتخليق الحياة العامة دعوة بدون صدى في غياب سيادة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة كما ان السلطة القضائية غير قادرة على التصدي لكبار الفاسدين في غياب الشروط الدستورية والقانونية والسياسية لسلطة قضائية مستقلة (اقصى ما يمكن ان تقوم به هو محاسبة صغار الفاسدين لأجل امتصاص الغضب الشعبي مقابل عجزها عن تحريك ملفات الحيثان الكبيرة) وللمقارنة كل البلدان التي تشتغل فيها العدالة بشكل جيد وتتوفر في نفس الآن على أفضل المؤشرات في مجال سيادة القانون هي بلدان يتقلص فيها الفساد إلى أدنى مستوياته وتتمتع في نفس الان بانظمة ديموقراطية.
هنا يطرح السؤال العريض ،دون الادعاء بالقدرة على امتلاك الجواب ، هل القضاء على الفساد بمداخله السياسية والدستورية نضال مؤجل لارتباطه بالنضال العام من أجل دولة الحق والقانون والديموقراطية الكاملة أم أن طبيعة النضال ضد الفساد بالرغم من كل المعيقات دينامية مستمرة في اطار الممكن وكل متابعة يمكن اعتبارها مؤشرا ايجابيا يسير في اتجاه تقويض الفساد .
هناك مثل مغربي له راهنيته الدائمة يقول:
” اذا كنت في المغرب لا تستغرب” لا تستغربوا من وجود استراتيجية حكومية في مجال محاربة الفساد حددت لنفسها سنة 2025 كسنة مرجعية يرتقب ان يصل فيها مؤشر ادراك الفساد بالمملكة إلى 60 نقطة من أصل 100 وهو الهدف الذي يفرض ان يتعبأ له المغرب بكل قواه الحية والوطنية افرادا وتنظيمات … ولأجرأة هذه الاستراتيجية عملت الحكومة والبرلمان على رفض إقرار قانون تجريم الاثراء غير المشروع كما أن مجلس الحكومة المنعقد يومه الخميس 29 غشت صادق على مشروع القانون الجنائي والذي يتضمن في البند 3 منه منعا لكل الجمعيات والأفراد من التبليغ على جرائم المال العام .
سراق المال العام أصبحت لهم حكومة وبرلمان يشرع لحمايتهم