
ذ : ادريس حيدر :
كَثُرَ الحديثُ في الآونة الأخيرة عن فيلم هندي مبهر ، و اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بخصوصه ، مثمنة هذا الإبداع المتميز الذي برع فيه مخرجه ، مشيدة بقدرته على اقتحام موضع انتهاكات حقوق الإنسان في الوطن العربي و ” السعودية ” على وجه الخصوص .
و يقينا أن الفيلم نجح بشكل ملفت للنظر في التشويش على تلك الصورة الكاذبة و المصطنعة ، التي أنفقت من أجلها ” السعودية ” أموالا طائلة ، تُقَدَّرُ بملايير الدولارات ، لتسويق الصورة “الجديدة ” !!!للمملكة من حيث كونها أصبحت بلاد الانفتاح ، و تميزت في الحقبة الأخيرة بمحاولة الدولة عصرنة الناس و المؤسسات …الخ ، بما يجعلها موائمة للتطور الذي يشهده العالم .
إن الفيلم و باختصار شديد ، يُقاربُ بكثير من الحرفية و غير قليل من الجمالية ، الخروقات التي تطال حقوق الناس من خلال نظام ” الكفيل ” البائد .
هذا النظام الذي يُحِيلُ على أساليب غارقة في الظلامية ، كالاستعباد المصاحب بالاستبداد العنيف .
لقد أَرْجَعَ ” الكفيل ” و من معه ، الهندي :” نجيب ” مجرد حيوان فاقد لهويته كإنسان ، حيث أنه أصبح يعيش في حظيرة الحيوانات ، بقليل من الأكل العفن و المقزز و الغير النافع ، و يُرَوى بقليل من الماء الملوث ، مع ما يُصَاحبُ ذلك من ضرب مبرح و تكسير للعظام .
من جهة أخرى فقد حاول المخرج ، و بالرغم من شراسة البشر و قساوة الطبيعة ، أن يمرر رسالة مفادها :” أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة “. ، ذلك أن الإفريقي الذي صادف :” نجيب ” أبدى نبلا كبيرا في علاقته به ، بحيث ساعده على البقاء قيد الحياة ، بعد أن تاها في الصحراء من دون طعام أو شراب .
و عندما دنا البطل من الموت ، استيقظ ذات صباح بعد أن أجهده المشي في الصحراء ، تحت شمس حارقة ، و ظمإ قاتل ، فوجد صديقه الإفريقي قد غادر إلى وجهة غير معلومة ، تاركا له قنينة صغيرة ممتلئة بماء إحدى الواحات ، كان ذلك إعلانا عن انبعاث جديد و إفلات من الموت .
لقد صُوَّرَ الفيلم في صحراء قاحلة و جرداء ، لكن رمالها الذهبية كانت تتلون بالأحمر ، الذي كان ينعكس على كثبانها ، مما كان يُشكل مناظر مبهرة تَسُرُّ الناظرين .
” نجيب ” و الذي أدى دوره الممثل الهندي :” بريتيفيراج سوكوماران ” ، هو بطل الفيلم ، و كان قد شخص دوره بروعة منقطعة النظير ، خاصة عند أدائه لحظات المعاناة التي كانت أقرب للموت ، و نفس الشيء بالنسبة لباقي الممثلين .
لقد أظهر عددا كثيرا من المشاعر ، من اليأس إلى المرونة ، و كذا تغييره الملحوظ للمظهر ، حيث فقد كثيرا من الوزن ليلائم المسافة الزمنية التي عاش فيها و كأنه في جحيم جهنم .
إن فيلم :” حياة الماعز ” The Goat Life “، تعبير عن صيحة إدانة لأنظمة العبودية و الاستبداد ، و فضح لانتهاكات حقوق الإنسان في :” السعودية ” ، فضلا عن ذلك فهو يحمل رسائل في الحب ، التضحية ، الإيثار ، المسؤولية ، و عشق الحياة…الخ .
” حياة الماعز ” The Goat Life ” ، فيلم شيق و تحفة سينمائية ، فشاهدوه .