
بقلم ذ محمد علوى:
تماشيا مع أهمية موضوع الأستاذ ربيع الطاهري المنشور على صفحة هسبريس يوم 07/08/2024-محاكمات رؤساء الجماعات تسائل الاختيارات الحزبية و تحيين القوانين الانتخابية ، ارتايت أن أتقاسم معكم مرة أخرى تدوينة تصب في نفس الاتجاه و الذي يتعلق بالتدبير الحزبي الانتخابي في منح التزكيات لمن هم اهل لخدمة المصلحة العامة.
———————
لعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في الظروف السياسية الملتبسة التي نعيشها اليوم هو :
– توجيه المواطن إلى اختيار من ينوب عنه ، مسؤولية من….؟
أتناول هذا الموضوع و أعلم أن هناك من يصفني بالمِثَالِيّة – Idéalisme – إلى أقصى الحدود ، نظرا لما أصبحت عليه الوضعية السياسية الراهنة ، التي تغلب عليها البركماتية الانتهازية Le perkmatisme opportuniste و تهافت الأحزاب على استقطاب الأعيان و أصحاب”الشكارة” و من يستطيع كسب الكرسي بأي وسيلة و أسلوب ، و رغم ذلك سأدلي برأيي كيفما كان الحال.
إن الفعل الديمقراطي قناعات تنتج سلوكيات ، و تحدد مسلكيات ترتبط بمواقف و قيم إنسانية راقية ، تضبطها حكامة فكرية منسجمة مع هذه القناعات ، و ليست شعارات جزافية جوفاء تنبني على الديماغوجيا و تؤطرها الشعبوية المصلحاتية Populisme réformé، من أجل الاستفادة من الريع و التغول السياسي .
من هذا المنطلق يصبح ضروريا على من يروم حمل شرف تمثيل المواطن في المجالس الجماعية أو البرلمانية أن يتملك هذه القناعات و يتشبع بفلسفتها و يكون متوازنا في أفكاره و ممارساته ليستطيع الإجابة عن تساؤلات من أعطاه شرف تمثيله و الدفاع عن حقوقه بنضالية وجراة و دبلوماسية منتجة و اقتراحية .
بذلك تصبح مسؤولية الأحزاب السياسية و الفرقاء الاجتماعيين كبيرة في تأطير المواطن و تكوينه لجعله قادرا على تحمل مسؤولياته ، في اختيار من ينوب عنه في الشأن المحلي و التشريعي ، لا أن يكونوا باحثين عن الدكاكين الموسمية التي تهتم باستجلاب مرشحين تحت الطلب و سد الخصاص بأصحاب “الشكارة و الشناقة و اجعارنية”.
إذن ماهي الأحزاب التي يمكنها أن تقوم بهذا الدور الحاسم في تكوين المواطن و تأطيره ، ليكون في مستوى ذلك.؟
هي الأحزاب التي تتوفر على أجهزة تنظيمية منضبطة ، متمسكة بمبادئها ، منبثقة من ديمقراطية داخلية بعيدة عن الشخصنة التاريخانية ، و الحسابات الضيقة ، قادرة على الدفاع عن برامجها الإنتخابية بوضوح ، للإقناع بالقدرة على تحقيقها دون بوليميك و ديماغوجيا و بيع الوهم ،مستشرفة المستقبل باستراتيجية مشاريع سياسية اجتماعية ، قابلة للتنفيذ ، بذلك تصبح بوصلة الناخب في الإتجاه المطلوب لاختيار الشخص المناسب في المكان المناسب ، حامية له من النزوع السلبي المشبوه في الاستحقاقات و بيع ضميره بفتاة الرشاوى و الاستغلال البشع من طرف المتربصين و سراق المال العام و الجهلة و فقهاء الانتهازية كما حدث خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة ، حيث أصبحت عرضة للتحكم القسري ، من بعض من لا يعترف بنخبها ، و من لا يفقه حتى ترقيع و خياطة الجمل و مهرولون لا لون لهم و لا مواقف.