رحلة صداقة: قصة ثلاثة أصدقاء عبر خمسة عقود

25 يونيو 2024

محمد العربي الجباري

تقديم

عن قصة صداقة نادرة، رفضت أن تنحني لصروف الدهر، وعاندت الأقدار لتستمر وتينع، وصمدت لتنجلي على علاقة إنسانية متميزة فريدة في كل مظاهرها. دعونا نبحر معًا في سفينة الصداقة الخالدة التي جمعت بيني وبين صديقي العمر، الخالدين جمال وأسامة، على مدى خمسين عامًا. إنها قصة تتخطى حدود الزمن، مشبعة باللحظات التي لا تُنسى، والتحديات التي واجهناها معًا، والذكريات التي نسجت بسمائنا نجومًا لا تنطفئ. رحلة صداقة تبدأ بحب الشباب وتتوج بحكمة الكبار، حيث النقاء والألفة، والوفاء والإخلاص. انضموا إلينا في اكتشاف تفاصيل هذه السيرة العطرة، التي تروي كيف يمكن لصداقة ثلاثية الأضلاع أن تظل شراعاً يحمل سفينة الحياة برغم الأمواج العاتية، وكيف يمكن لقلوب أن تظل متعانقة رغم بُعد المسافات وظروف الحياة. إنَّها دعوة لاستلهام جمال الصداقة وألقها، في زمن باتت فيه العلاقات تُختبر بالأحداث وتُصقل بالمواقف، لتبقى الصداقة الحقيقية هي النور الذي يضيء دروبنا

الفصل الأول

في قلب الزمن الجميل، حيث كانت أحلام النجاح في الشهادة الابتدائية لعام 1973-74 تتأجج في نفوس الأجيال، كان الحلم بالالتحاق بالسلك الإعدادي يعتبر من أسمى الإنجازات. في تلك الفترة الفتية من تاريخ المغرب، كانت الفرحة تغمر قلوب من يحقق هذا الإنجاز، ويُعد بمثابة فتح عظيم.

لكن هناك حلم آخر، أكثر ندرة وجمالاً، حلم أن تلتقي بأصدقاء العمر. كان ذلك يُعد منةً من الله لا تُتاح إلا لقلة محظوظة، فمثل هذه الصداقات كانت تُعتبر ضربات حظ نادرة الحدوث وحالات وجدانية لا تتكرر إلا مرة واحدة عبر العهود.

هكذا كان لقاؤنا، أنا وصديق العمر جمال، في قسم CO4، وفقًا لترتيب النقاط في امتحان الالتحاق بالثانوي المحمدي. وبعد عام، في السنة الأولى إعدادي 1 ( السنة السابعة إعدادي حاليا ) ، حدث اللقاء الثاني، الذي جمعنا بصديقنا أسامة كأن انجذابا مغناطيسيا حدث بيننا وبينه فالتحق بنا بشكل سلس، ليكتمل بذلك هذا الثلاثي الفريد. أصبحنا نموذجا للصداقة المثالية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حيث أسهم كل منا بخلفياته الاجتماعية والثقافية في صقل هذه العلاقة الإنسانية العذبة، بجوانبها الإيجابية والسلبية على حد سواء.

امتدت لقاءاتنا عبر خمسة عقود، مُشكّلةً حياتنا وشخصياتنا إلى حد التماهي، حتى أصبحنا ثلاث أرواح لجسد واحد. وعلى الرغم مما فعلته صروف الدهر فينا من افتراق وتغير السبل لدواعٍ شخصية وموضوعية، بقيت صداقتنا متينة. إنها سنة الحياة وضروراتها التي نخضع لها صاغرين.

في كل لقاء، كنا نُدرك أكثر فأكثر أن ما يجمعنا هو أكثر من مجرد ذكريات، بل هو رابط روحي يتجاوز الزمن والمكان. تحولت صداقتنا إلى مرآة تعكس تطورنا ونضوجنا، وأصبحت كل تجربة نخوضها معا درسا جديدا في الحياة. وحتى عندما افترقت بنا السبل، كانت ذكرياتنا المشتركة تبقينا متصلين، كأنها خيط سري يمتد عبر الزمان.

صديقي جمال وصديقنا أسامة ، كل منا كان له دوره الخاص في هذه الملحمة الإنسانية. من خلال تجاربنا، تعلمنا معنى الولاء والصبر، وكيف يمكن للصداقة أن تكون ملاذا وعونا في أوقات الشدة والفرح. وبهذا، استمرت صداقتنا عبر الزمن، شهادة حية على قوة الروابط الإنسانية عندما تبنى على أسس من المحبة والاحترام المتبادل.

هكذا، كانت قصتنا، ليست مجرد سرد لذكريات، بل هي رحلة حياة، نمونا فيها معا وواجهنا تحدياتنا وسعينا نحو أحلامنا، متسلحين برباط صداقة لا ينفصم، متجاوزين عقبات الزمن والمسافات.
محمد العربي الجبار

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading