الموت الوديع ، للبسطاء و الأتقياء

23 يونيو 2024

 

محمد أكرم الغرباوي

لازالت ذاكرتي تستحضر بقوة هذه المرأة التي كانت تحدث جموع الجالسين بمقهى روزليس بالقصر الكبير . وهي تنتقل من طاولة إلى أخرى بعد مناداة معارفها لها . كانت أحاديثها تختلف حسب المتحولقين بالطاولات تحدث طاولة السياسي عن أعطاب المدينة و الإنارة العمومية بحي سكناها أنذاك . و المهنيين كانت تشاركهم حديث القوت اليومي . كانت تجعل من طاولة الموسيقيين آخر طواف لها بالمقهى تشاركهم حديث طقوس العرس لتنصرف بعد إغذاقها بالعطايا و بعض الحلوى .
كانت تختار زبنائها من المحسنين من كانت تعتبرهم ملزمون بالعطاء اتجاهها . وكانوا كذلك ، احتراما لها و لحكاياها وقصتها الإنسانية . أما من يتعذر عليه فتسبقه بكلمة ( حتى لمرة أخرى معليش )
اليوم ربيعة ماتت بمنزل المسنين – دار الخيرية – كما مات بها من قبل خِفية العديد من الرجال و النساء الذين كنا نظن أنهم غادروا المدينة قبل نفاجئ بنعيهم كما الآن . ماتت ربيعة رحمها الله وهي بذاكرة ساكنة المدينة ، وهي تخلف وراءها كنزا من المشترك الإنساني بمدينة تعاطفت مع سائليها من ذوي الحكايا و المآسي و القصص القابلة للإحتضان . هكذا كانت المدينة مع ربيعة وغيرها و الباقون … شاركتهم المأساة و الألم و الأمل و الحلم و التمسك بالمستقبل الذي توقف ماضيا .
ربيعة رحمها سيدة مألوفة مسالمة ( كانت عكس أفواج من يرمون بهم في الشوارع و الطرقات) لم تكن إمرأة مشردة أو مهملة اللباس و المسكن ، كانت تجر الحظ بين الناس و المتعاطفين لتحقق هدف نبيل . كل من تعرف عليها يدركه . باستماثة إمرأة كانت أما صامدة ضد قسوة القدر .
هكذا يرحل البسطاء و الأتقياء في موت وديع

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading