محمد أكرم الغرباوي
لازالت ذاكرتي تستحضر بقوة هذه المرأة التي كانت تحد
ث جموع الجالسين بمقهى روزليس بالقصر الكبير . وهي تنتقل من طاولة إلى أخرى بعد مناداة معارفها لها . كانت أحاديثها تختلف حسب المتحولقين بالطاولات تحدث طاولة السياسي عن أعطاب المدينة و الإنارة العمومية بحي سكناها أنذاك . و المهنيين كانت تشاركهم حديث القوت اليومي . كانت تجعل من طاولة الموسيقيين آخر طواف لها بالمقهى تشاركهم حديث طقوس العرس لتنصرف بعد إغذاقها بالعطايا و بعض الحلوى .
كانت تختار زبنائها من المحسنين من كانت تعتبرهم ملزمون بالعطاء اتجاهها . وكانوا كذلك ، احتراما لها و لحكاياها وقصتها الإنسانية . أما من يتعذر عليه فتسبقه بكلمة ( حتى لمرة أخرى معليش )
اليوم ربيعة ماتت بمنزل المسنين – دار الخيرية – كما مات بها من قبل خِفية العديد من الرجال و النساء الذين كنا نظن أنهم غادروا المدينة قبل نفاجئ بنعيهم كما الآن . ماتت ربيعة رحمها الله وهي بذاكرة ساكنة المدينة ، وهي تخلف وراءها كنزا من المشترك الإنساني بمدينة تعاطفت مع سائليها من ذوي الحكايا و المآسي و القصص القابلة للإحتضان . هكذا كانت المدينة مع ربيعة وغيرها و الباقون … شاركتهم المأساة و الألم و الأمل و الحلم و التمسك بالمستقبل الذي توقف ماضيا .
ربيعة رحمها سيدة مألوفة مسالمة ( كانت عكس أفواج من يرمون بهم في الشوارع و الطرقات) لم تكن إمرأة مشردة أو مهملة اللباس و المسكن ، كانت تجر الحظ بين الناس و المتعاطفين لتحقق هدف نبيل . كل من تعرف عليها يدركه . باستماثة إمرأة كانت أما صامدة ضد قسوة القدر .
هكذا يرحل البسطاء و الأتقياء في موت وديع