د. لطيفة الجباري
مع حلول موسم الحج كل سنة اتذكر الموسم الذي كتب الله لي فيه ان احج واعيش تلك الذكرى العطرة وانتعش بها واحياها من جديد وكان ذلك سنة 1431 ه_ 2010م فقد فزت خلال هذا العام بقرعة الذهاب الى السعودية لاداء مناسك الحج والعمرة بعد كان ذلك يبدو لي بعيد المنال وقد اخذ مني الشوق الى مكة المكرمة ارض الله و مولد ومبعث محمد صلى الله عليه وسلم نبي الامة وحبيبها صحبة اخي رحمه الله وزوجته وابنة خالتي..
لن اخوض في التفاصيل المعهودة من استعدادات واجراءات السفر.. انما اسجل مشاهد لا انساها ما حييت وتجعل المرء بعد الحج لا يكون كما كان قبله من قوة الايمان والخضوع لله عز وجل قال تعالى ” واذن في الناس بالحج ياتوك رجالا و على كل ضامر ياتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا الله في ايام معلومات على ما وهبهم من بهيمة الانعام” (سورة الحج)
_ المشهد الاول: احرام الحجاج عند وصول الطاءرة الى الميقات اذ تعالت الاصوات بالتلبية” لبيك الله ما لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة والملك لك لا شريك لك”…..
المشهد الثاني: الوصول الى مكة المكرمة و الاقبال على الحرم المكي من اجل طواف القدوم و اداء مناسك العمرة.ليلا.شوارع مكة تعج بالحجاج والمعتمرين حركة لا تتوقف ليل مكة كنهارها…باحةالمسجد الحرام ساسعة رخامها ابيض لامع وابواب عديدة مزخرفة،اقواس وسواري رخامية تزين المكان
ساعات وثريات كبيرة… ثم تصل
الى الفناء الذي يضم الكعبة المشرفة ما ابهاها واجمل بها! ينشرح الصدر لرؤيتها وجلالها بملتزمها و ركنها اليماني و الحجر الاسود و مقام ابراهيم عليه السلام. ان الحرم المكي اية من ايات الله في الكون ترى فيه كل الاجناس بكل الالوان و الالسن جموع فوق الخيال تجتمع على كلمة واحدة” لا اله الا الله محمد رسول الله” .
المشهد الثالث: منى وعرفة، منى مدينة من الخيام تضم الحجاج يذكرون الله ذكرا كثيرا ثم الوقوف بعرفات و الاستسلام له عز وعلاو استشعار بقيمة ديننا الحنيف ثم المبيت بمزدلفة وجمع الحصى استعدادا للرجم في منى صباح العيد بعد النحر موكب مهيب من الحجاج يرددون ” الله اكبر كبيرا و الحمد لله كثيرا وسبحان ربك بكرة واصيلا اللهم صل على محمد و على ال محمد.. ” ثم الرجوع الى مكة لاداء طواف الافاضة و السعي بين الصفا والمروة والتمتع بشرب ماء زمزم العذب المتدفق…ثم طواف الوداع الذي يتمنى فيه كل حاج ان لا يكون اخر عهده بهذا المقام الشريف و الطاهر…
المشهد الرابع: المدينة المنورة…. كل من زارها اعجب بها كيف لا؟ وهي تضم مثوى خير البرية و شفيعها.. المدينة المنورةعبارة عن واحة غناء محاطة باشجار النخيل منظرها بهيج وانوارها ساطعةو هندستها رفيعة و روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ترحب بكل زوارها وموريديها.لازلت اذكر الحرم النبوي و تشرفنا بولوجه في يوم شمسه مشرقة فاحسست بنور سيد البشرية تنبعث من روضته الشريفة التي تعلوها القبة الخضراء … الحرم النبوي فسيح يسع كل الاعداد الكبيرة من الحجاج… ما ان سمح لنا بالدخول بعد صلاة العشاء الى الروضة الشريفة حتى علت جسمي قشعريرة و تعثرت قدماي لا اصدق نفسي انا في حضرة المصطفى حلم راودني في النوم و اليقظة لكن الشعور في الواقع اقوى من الخيال دمعت عيناي وارتجف قلبي واهتزت جوانبي …السلام عليك يا حبيبي يا رسول الله اشهد انك اديت الامانة و بلغت الرسالة وجاهدت و كافحت حتى اتاك اليقين.. صلينا وراء الشباك الذي يضم الجسد الطاهر بين صفييه ابوبكر وعمر رضي الله عنهما بين بيته صلى الله علي ومنبره على عجل نظرا للجموع النتظرة وسالنا الله المغفرة والثواب ومباركة ابناءنا ووطننا ثم خرجنا وفي نفوسنا شيء من حتى ودعونا الله ان ينعم علينا برؤية نبيه كما انعم علينا بزيارته وخرجنا و نحن نتضوع مسكا و ارماحنا تتلالا نورا من قبس محمد صلى الله عليه وسلم هذا النور الذي يغمر المدينة المنورة فيكسوها امنا وامانا وطمانينة لا تحسها الا في مكة المكرمة….
هكذا انتهت الرحلة الميمونة التي يطول في وصفها الكلام ندعو الله ان يتقبل منا و ان تكون بداية توبة خالصة ونيل رضا الله ومغفرته و الثبات و الصراط المستقيم ودعوة للجميع ان يقبل على الحج ما استطاع وقد رسول الله صلى الله عليه وسلم” من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه”
