هسبريس – وائل بورشاشن

تنبيهٌ إلى تغيير معالِم مسجد تاريخي بالقصر الكبير وجّهه جمعويون مهتمون بصيانة التراث الثقافي إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة الثقافة، وولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، والمجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير.

ويتعلق الأمر بترميم للمسجد السعيد، في إطار سلسلة ترميمات تهم معالم تاريخية بالقصر الكبير، تنهض بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قال بيان مدني توصلت به هسبريس إن أغلبها “تميزت (…) باحترام قواعد الترميم، خاصة بمسجد ‘بوحدید’ والمقبرة المجاورة له بشارع فاطمة الأندلسية، ومسجد ‘النجارين’ والمرافق التابعة له بحي سوق الصغير، والزاوية القنطرية وملحقاتها بساحة المرس”.

ثم استدرك المصدر ذاته: “التدخل الذي يجري حاليا بالمسجد السعيد بعدوة الشريعة، الذي يعد ثاني مسجد من حيث الأهمية بعد المسجد الأعظم بباب الواد، والذي شهد مجموعة من التدخلات السابقة، لم يراعَ فيها مبدأ العِلمية، وأقحمت فيها مواد جديدة في البناء مثل ‘الإسمنت المسلح’، ما صعب عملية الترميم الحالية، التي بدورها ارتكبت فيها خروقات عديدة، كان أخطرها تغيير الهندسة الأصلية للمسجد، حيث تمت إزالة القبة التي كانت على يمين الصومعة وتم تعويضها بسقف مستوٍ”.

ونبه جمعويّون بالقصر الكبير أيضا إلى ما ظهر من لقى أثرية عبارة عن أوان فخارية هي جزء من قناة تاريخية، مع “عملية الترميم الجارية بمسجد سيدي الهزميري التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعدوة باب الواد حي الديوان، الذي يعد ثالث مسجد من حيث الأهمية بعد المسجد الأعظم والمسجد السعيد، سواء من حيث المساحة أو من حيث المكانة العلمية والقيمة التاريخية”، متسائلين عن مصير هذه القطع الأثرية، التي “من المفروض أن تساهم في التعجيل بتأسيس خزانة متحفية بالمدينة”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية قال مصطفى العلالي، باحث في التراث والتاريخ رئيس جمعية القصر الكبير للحفاظ على التراث الثقافي، إن “ترميم المسجد السعيد بعدوة الشريعة أزيلت معه قُبَّتُه وطابقٌ علوي كان به، وهو ما لم تسقط فيه حتى تدخّلات سابقة استعملت مع الأسف موادّ دخيلة على هذا المبنى التاريخي، مثل الإسمنت، لتدعيم الجدران والسواري، علما أن هذا يتعارض وشروط ترميم المباني التاريخية الذي ينبغي أن يتم بالأدوات والتقنيات نفسها المستعملة في البناء”.

وأضاف العلالي: “هذا المبنى التاريخي مسجد بناه السلطان المولى إسماعيل، نظيرَ إسهام القصر الكبير في تحرير العرائش من الاحتلال الأجنبي، ولا ينبغي أن تُمَسّ هندسته الأصلية. وما نتحتجّ عليه هو المس بثروة وطنية يمثلها هذا المسجد المرتبط بحدث تاريخي، وسبق أن درس به السلطان المولى سليمان”.

وذكر الفاعل المدني والباحث في التراث الثقافي أن “غياب مندوبية وزارة الثقافة عن هذا الترميم هو الذي يعطينا مثل هذه الخروقات، فهذه ليست معالم دينية فقط، بل معالم ثقافية وتاريخية أيضا”، وزاد: “كما يغيب عن الترميم المجلس الجماعي بالقصر الكبير، وهو ما يجدد مطالب إحداث قسم للتراث الثقافي، لتفادي تزييف المعالم الثقافية، الذي سبق أن عانت منه معالم بالمدينة سابقا، ليس من طرف الساكنة، بل من طرف مؤسسات وصية على الترميم”.

ثم ختم المتحدث تصريحه بقوله: “الترميم عملية جراحية، علمية، لأن التراث الثقافي المادي غير متجدّد، ما يفسر أهمية حمايته من أي تدخّل كارثي؛ لعل الجيل المقبل ينجح في ما لم ننجح فيه، ويوظفه في التنمية”