زلزال في الذاكرة / أكادير مرة ثانية

10 سبتمبر 2023

بقلم ذة ربيعة حميحم

عدت بذاكرتي للوراء وأنا اجلس القرفصاء ، ودموعي منهمرة ، وابي يحكي لي أحداث زلزال أكادير المفجع الفتاك ، عاش والدي أحداثا جسيمة خلفت أثرا عميقا في نفسه ، لم تسطع السنون ان تمحوها !!!!
كان والدي رحمة الله عليه قد انتقل إلى أكادير ، ليشارك زملاءه إغاثة المنكوبين .
كانت الدنيا كلها دمار ، وطوب وحجارة ، كأن لم تَغْن بالأمس فقد جاءها أمر الله لتصبح حصيدا !!!! رائحة الموت في كل مكان ، صراخ وعويل ، حزن وأسى يملأ الدنيا لتتوشح بالسواد والحداد ، عصف الموت بكل شيئ . أرواح عديدة لبت نداء خالقها ، ومشردون في العراء وجرحى بالآلاف !!!!!
وبدأ أبي بكل حزن وأسى، يسترجع ذكريات أليمة : كان لابد ياابنتي من دفن الجثث المتراكمة ….. حفرنا حفرا عميقة ، يحشر الشهداء بداخلها …. سيدات بكامل حليهن ، يوارين الثرى ، سألت والدي ببراءة شديدة . لماذا لم تسلبهن الحلي يا أبي ؟؟؟!!!! استنكر أبي وبشدة ، معاذ الله ياربيعة ، كيف لي أن اقدم على هذه الفعلة الشنعاء ؟؟؟ !!!! ألا يكفي أن القدر سلبهن الحياة على حين غرة . أحسست حينها أن سؤالي كان غبيا ساذجا .
كان ذاك اليوم رمضان المبارك ، والرائحة شديدة وأجاز لنا جلالة الملك محمدنا الخامس بالإفطار ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لكنني أصررت على الصيام . لم أستطع الصمود حتما ، فارتشفت جرعة ماء ، أحسست وكأنها من نهر في الجنة ، لن أنسى أبدا ياابنتي صراخ ومنظر طفلة لا تتجاوز الثامنة من عمرها ، تستغيث وتنوح بعد أن فقدت كل أسرتها ، طفلة مكلومة ، وأناس مفجوعة ومناظر زادت جروحنا عمقا ، ونفوسنا حيرة وألما !!!!
هاهو التاريخ يعيد نفسه ، وهاهو إبني إبراهيم يذهب ضمن فريق الإنقاذ إلى مراكش ، ليلبي واجب الوطن … لو كان أبي حيا ، كان سيكون فخورا به أيما فخر هو ووالده رحمة الله عليهما جميعا … كان سينتظر صوره في الأخبار عله يراه …… فما أشبه الأمس باليوم …. وما شهدناه نحن بالأمس كان فظيعا ، أحداث تشيب لها الولدان ، وتقشعر لها الأبدان .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading