
ذة. مليكة الجباري
ابتعد بخرافه باحثا عن الكلأ، بين ممرات جبل بالقرب من قريته …
نسي تعب المسافة ونسيته عقارب الساعة .
إنه الخريف، وموعد هجرة الطيور القادمة نحو كهوف الجبل . استانست الخرفان بتغريدها وهي قادمة أسرابا..
تعجب الراعي لهدوئها، وركونها إلى المكان عن طواعية ،كل يوم وهو يتجه بها إلى المرعى الجديد.
شعر بتناغمها كلما حضر المكان .
مر الوقت طويلا وازداد تعلقا بالجبل، بازدياد تناغم خرافه والمكان.
تعلم الاسترخاء ونشر الكسل أجنحة الرضى حول كتفيه وطالت مدته.
مع تغير الفصل ،و عودة الطيور إلى أوطانها مهاجرة ساد النشاز، وتغيرت سلوكات الخرفان وفقدت شهيتها…
أصبح القلق نصيبه حد توعك الأفكار في عقله لتتوالد وساويسه منتصبة كغصة في حلق جرير .
وفي بحر حيرته تقدم نحو خروف وصعد به إلى قمة الجبل هاديا ،متعبدا ،راغبا في عطف الجبل وحمايته.
كانت الغربان هي الفائزة في معركة تغريد الطيور، ورقص الخرفان وجهل الراعي .
دام الحال على حاله، كلما هجرت الطيور الجبل، تمردت الخرفان عليه… مانعة إياه سحر الجلوس تحت الشجرة اليتيمة فاقدا كل متع الاسترخاء، فلا يهدأ له بال حتى يقوم بتقديم خروف آخر هدية لإرضائه
مع مرور الوقت تناقصت اعداد الخرفان ،وازدادت مخاوفه من عقاب يلحقه .
ظل يحتمي بالجبل وتبعته كل الخراف مع توالي الفصول
بعودة الطيور المغردة ظن أن الجبل ليس كباقي الأرواح خلفه
حل يوم العيد واقترب يوم الشورى في اختيار مايناسب . طالبه افراد القرية بخرافهم .
تردد في حكي ماحصل معه كان الصعود إلى قمة الجبل هو الحل الوحيد لشرح حكاية الروح المقدسة في كهوفه
تبعه افراد القرية وكانت صدمتهم أقسى من صعود القمة ،إنها أشلاء خرفانهم، وماتبقى من وليمة الغربان منتشرة في كل مكان …
علت الدهشة وجوههم وتسمرت أكفهم على رؤوسهم.
الغضب كان سيد الموقف .
والصمم جنبه سماع صراخهم، لكن الجبل ردد اصواتهم لترفرف كل الطيور محلقة في السماء
تدحرج إلى الأسفل يستعطف بعينيه أجنحتها ….
كنت اسمع مشدوهة لحكاية القروية بقربي و حكاية الولي الصالح تحت اسفل الجبل مقصد كل زائر للتبرك بعطاياه الخفية…
النهر كان هديره يجرف صدى أصوات الزائرين خلفي، وأنا أجرف حكاية مدينة الولي الصالح قبل الصعود إلى السيارة.