*المغرب ودبلوماسية الحياد إزاء الانقلابات العسكرية الراهنة في افريقيا*

6 سبتمبر 2023

.محمد السوسي : 

شهدت دول غرب ووسط إفريقيا 8 إنقلابات عسكرية ،خلال السنوات الثلاث الأخيرة ،آخرها انقلاب الغابون بعد النيجر ببضع أسابيع ،ما يثير التساؤلات حول أسباب إنتشار عدوى الانقلاب العسكري في إفريقيا .وكذا تباين وإختلاف المواقف الدول التي لها مصالح حيوية في هذه الدول المنقلبة.وبالتالي من الصعب جدا تجاوز هذه المفارقات من أجل رسم معالم النظام الدستوري في النيجر والغابون ،لأن هناك فريقين ،فريق يدعو إلى أن يستعاد النظام الدستوري غير ديمقراطي بطريقة مباشرة أو بأخرى ،وهو ما تدعو إليه الدول التي لها مصالح حيوية وإستراتيجية كفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي.والفريق الثاني يصبو الى إعادة بناء نظام دستوري جديد قائم على إستفتاء شعبي بطريقة ديمقراطية ،بحيث يتمثل هذا الموقف في الانقلابيين على النظام القائم ،وكذلك بعض الدول المساندة التي مرت من نفس التجربة الإنقلابية ،كمالي وبوركينافاسو بحيث أثار إعلانهم انه أي تدخل عسكري في النيجر فهو بمثابة إعلان عن الحرب.
وفي ظل تباين وإختلاف المواقف الدول تجاه الأحداث بجمهورية النيجر ،فإن الموقف المغربي يظهر بلغة حيادية صارمة لا تنحاز إلى أي طرف ،بحيث أن موقف المغرب جاء على لسان محمد لعروشي ،السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الاتحاد الافريقي واللجنة الاقتصادية لافريقيا التابعة للأمم المتحدة ،في اجتماع لمجلس السلم والأمن الأفريقي حول الوضع بالنيجر، مؤكدا أن “المغرب يثق في حكمة الشعب النيجر وقواه الحية للحفاظ على المكتسبات وعلى دوره الإقليمي البناء والهام”.
وكذا يجب الإشارة إلى أن الحياد المغربي لم يستثن إنقلاب الغابون الذي شكل صدمة جديدة للدول الإفريقية ،جراء ما له من تبعات وتداعيات ونتائج التي قد تؤدي إلى دون إحلال السلم بكافة أشكاله لدى المدنيين وضمان الاستقرار الداخلي لدولة الغابون ،وتعد الغابون دولة شقيقة للمغرب وشريك استراتيجي ،بحيث تسعى جاهدة المملكة المغربية بفضل الدبلوماسية المتبصرة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الحفاظ على العلاقات واستمرارها مع الدول المنقلبة خاصة دولة الغابون،كان لافتا إلتزام المغرب بموقف الحياد، حيث أكد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغارية المقيمين بالخارج ، أن المملكة المغربية تتابع عن كثب تطور الوضع في الغابون ويؤكد على أهمية الحفاظ على استقرار هذا البلد وطمانينة سكانه ،موضحا أن المغرب يثق في حكمة الامة الغابونية ،وقواها الحية ومؤسساتها الوطنية للسير قدما نحو أفق يتيح العمل من أجل المصلحة العليا للبلاد ،وصون المكتسبات التي تحققت والإستجابة لتطلعات الشعب الغابوني الشقيق .وبالتالي يمكن ان نرى ان المواقف المغربية متكيفة ومنضبطة مع التحولات والمتغيرات الواقعة في غرب إفريقيا ووسط إفريقيا ،كذلك ان الدبلوماسية المغربية المتبصرة تبدو متوازنة ،والمغرب كفاعل إقليمي قوي ومؤثر فإنه دائما يسعى إلى احترام سيادة الدول ،واحترام مبدأ عدم التدخل والدفاع عن حقوق الشعوب سواء في النيجر او الغابون في ظل تعقد الأنظمة الحاكمة هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فموقف المغرب الدبلوماسي يخدم سياسته ومصالحه،على اعتبار عدم الانحياز او الإصطفاف إلى أية جهة كانت،خاصة أن الموقف الغربي يدين الإنقلاب .في نفس الوقت ليست هناك رغبة في التدخل الدولي العسكري ،مقارنة مع ما حصل في النيجر ،حيث لاوحظ جليا توعدات التدخل من طرف مجموعة الاكواس ،وكذا النفود العسكرية الفرنسية ،وبالتالي فإحتمالات التدخل في الغابون ضعيفة جدا ،إلا في حالة تدخل المجتمع الدولي لأن النخبة العسكرية التي يتزعمها الجنرال كلوتير أوليغي نغويما، الذي لم تتضح مواقفه العملية و ظروف الانتقال لا تزال غامضة وليست لها موضوعية ، وبالتالي المغرب له موقف متوازن ويوجد في موقع المراقب، فالدبلوماسية المغربية منشغلة بما يقع في الغابون وترصد ما يحصل وننتظر ما سيقع في المنطقة لتصحيح أخطاء الانقلابات في الدول الإفريقية وهشاشتها وانقسام بنياتها.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading